يعتد به في الاجماع، قال الحافظ في الفتح: ولم يثبت عن أحد من الصحابة خلاف ذلك إلا عن علي وابن عباس وأنس، وقد ثبت عنهم الرجوع عن ذلك. قال عبد الرحمن بن أبي ليلى:
أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على غسل القدمين، رواه سعيد بن منصور، وادعى الطحاوي وابن حزم أن المسح منسوخ، وقالت الامامية الواجب مسحهما.
وقال محمد بن جرير الطبري والجبائي والحسن البصري أنه مخير بين الغسل والمسح.
وقال بعض أهل الظاهر: يجب الجمع بين الغسل والمسح. واحتج من لم يوجب غسل الرجلين بقراءة الجر في قوله: * (وأرجلكم) * (المائدة: 6) وهو عطف على قوله: * (برؤوسكم) * (المائدة: 6) قالوا: وهي قراءة صحيحة سبعية مستفيضة، والقول بالعطف على غسل الوجوه، وإنما قرئ بالجر للجوار، وقد حكم بجوازه جماعة من أئمة الاعراب كسيبويه والأخفش لا شك أنه قليل نادر مخالف للظاهر لا يجوز حمل المتنازع فيه عليه. قلنا: أوجب الحمل عليه مداومته صلى الله عليه وآله وسلم على غسل الرجلين وعدم ثبوت المسح عنه من وجه صحيح وتوعده على المسح بقوله: ويل للأعقاب من النار ولأمره بالغسل كما ثبت في حديث جابر عند الدارقطني بلفظ: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا توضأنا للصلاة أن نغسل أرجلنا ولثبوت ذلك من قوله صلى الله عليه وآله وسلم كما في حديث عمرو بن عبسة وأبي هريرة، وقد سلف ذكر طرف من ذلك في باب غسل المسترسل من اللحية.
ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم بعد أن توضأ وضوءا غسل فيه قدميه: فمن زاد على هذا أو نقص فقد أساء وظلم أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة من طرق صحيحة وصححه ابن خزيمة. ولا شك أن المسح بالنسبة إلى الغسل نقص. وبقوله للأعرابي توضأ كما أمرك الله ثم ذكر له صفة الوضوء وفيها غسل الرجلين. وبإجماع الصحابة على الغسل فكانت هذه الأمور موجبة لحمل تلك القراءة على ذلك الوجه النادر، قالوا: أخرج أبو داود من حديث أوس بن أبي أوس الثقفي: أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتى كظامة قوم فتوضأ ومسح على نعليه وقدميه قلنا: في رجال إسناده يعلى بن عطاء عن أبيه وقد أعله ابن القطان بالجهالة في عطاء، وبأن في الرواة من يرويه عن أوس بن أبي أوس عن أبيه، فزيادة عن أبيه توجب كون أوس من التابعين فيحتاج إلى النظر في حاله، وأيضا في رجال إسناده هشيم عن يعلى، قال أحمد: لم يسمع هشيم هذا من يعلى مع ما عرف من تدليس هشيم. ويمكن الجواب عن هذه بأنه قد وثق عطاء