أيضا على عظم أمره وأمر النميمة، وأنهما من أعظم أسباب عذاب القبر، قال ابن دقيق العيد: وهو محمول على النميمة المحرمة، فإن النميمة إذا اقتضى تر مفسدة تتعلق بالغير، أو فعلها نصيحة يستضر الغير بتركها لم تكن ممنوعة، كما نقول في الغيبة إذا كانت للنصيحة أو لدفع المفسدة لم تمنع، ولو أن شخصا أطلع من آخر على قول يقتضي إيقاع ضرر بإنسان، فإذا نقل إليه ذلك القول احترز عن ذلك الضرر لوجب ذكره له انتهى، والحديث أيضا يدل على إثبات عذاب القبر، وقد جاءت الأحاديث المتواترة بإثباته، وخلاف بعض المعتزلة في ذلك من الأباطيل التي لا مستند لها إلا مجرد الهوى.
(فائدة) لم يعرف اسم المقبورين ولا أحدهما، والظاهر أن ذلك كان على عمد من الرواة لقصد الستر عليهما وهو عمل مستحسن، وينبغي أن لا يبالغ في الفحص عن تسمية من وقع في حقه ما يذم به. وما حكاه القرطبي في التذكرة وضعفه أن أحدهما سعد بن معاذ، فقال الحافظ: إنه قول باطل لا ينبغي ذكره إلا مقرونا ببيانه، ومما يدل على بطلان الحكاية المذكورة أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم حضر دفن سعد بن معاذ كما ثبت في الحديث الصحيح وأما قصة المقبورين ففي حديث أبي أمامة عند أحمد أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لهم: من دفنتم اليوم ههنا فدل على أنه لم يحضرهما، وقد اختلف في المقبورين فقيل كانا كافرين وبه جزم أبو موسى المديني واستدل بما وقع في حديث جابر أنه صلى الله عليه وآله وسلم: مر على قبرين من بني النجار هلكا في الجاهلية وفي إسناده ابن لهيعة، وجزم ابن العطار في شرح العمدة بأنهما كانا مسلمين، قال:
لأنهما لو كانا كافرين لم يدع لهما بتخفيف العذاب ولا ترجاه لهما، ولو كان ذلك من خصائصه لبينه كما في قصة أبي طالب. قال الحافظ: الظاهر من مجموع طرق حديث الباب أنهما كان مسلمين، ففي رواية ابن ماجة: مر بقبرين جديدين فانتفى كونهما في الجاهلية. وفي حديث أبي أمامة عند أحمد أنه صلى الله عليه وآله وسلم مر بالبقيع