والفرق بين الماهية والوجود امر قد فرغنا من بيانه والحد للماهية لا يكون الا باجزائها كالجنس والفصل والحد بحسب الوجود لا يمكن بالاجزاء إذ الوجود لا جزء له فهو اما بالفاعل والغاية إن كان تاما أو بالفعل إن كان ناقصا لما أشرنا إليه سابقا ان حد الوجود وبرهانه شئ واحد وبرهان اللم أقوى من برهان الان.
إذا تقرر هذا فنقول كل قوه من القوى فرد من الوجود لبساطتها والقوى قد يعرف بأفاعيلها فالقوة الغاذية يعرف بما يصدر عنها فيقال هي التي تحيل الغذاء إلى مشابهه المغتذى لتخلف بدل ما يتحلل.
فنقول في بيان هذا الحد ان كل قوه لا محاله مبدء تغير في هذا العالم فلذلك التغير له صوره ومادة وللفاعل في فعلها غاية فالصورة هاهنا هي الاستحالة إلى مشابهه المغتذى والمادة هاهنا هي الغذاء والغاذية تخلف البدل للمتحلل فكانا قلنا القوة الغاذية لفعل الفلاني في المحل الفلاني للغاية الفلانية واما النامية فقد ذكر في حدها انها الزائدة في أقطار الجسم الطبيعي ليبلغ تمام النشو على التناسب الطبيعي زيادة في الاجزاء الأصلية فقولنا الزائدة في أقطار الجسم احتراز عن الزيادات الصناعية فان الصانع إذا اخذ مقدارا من الشمعة فان زاد على طوله وعرضه نقص من عمقه وبالعكس وقولنا على التناسب الطبيعي احتراز عن الزيادات الغير الطبيعية مثل الاستسقاء وسائر الأورام وقولنا ليبلغ تمام النشو احتراز عن السمن وقولنا زيادة في الاجزاء الأصلية تنبيه على العلة الحقيقية للفرق بين السمن والنمو وذلك لان النمو حركه في جواهر الأعضاء فلا جرم القوة المحركة يمدها ويزيد في جواهرها واما السمن فإنه زيادة حاصله بمداخلة الأجسام الغريبة في الأعضاء كأنها الملتصقة بها.
ثم إن التغذي والنمو (1) يتمان بأمور ثلاثة الأول تحصيل غذاء شبيه بالمغتذي