الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٩ - الصفحة ٢١٦
مغايرة للعقل بل هو عبارة عن اضافه الذات العقلية إلى شخص جزئي وتعلقها به وتدبيرها له فالقوة العقلية المتعلقة بالخيال هو الوهم كما أن مدركاته هي المعاني (1) الكلية
(1) هذا لو تم لتم ان الوهم هو العقل المقيد وليس فليس لان المحبة التي هي من مدركات الوهم ليست من الانتزاعيات التي لا فرد لها ولا من الكليات المنحصر نوعها في شخص على أنه لو انحصر لثبت الوهم أيضا بل من الكليات المنتشره الافراد وافرادها محبه هذا الانسان وهذا الغنم بولده وذاك الحمار وغيرهما وهكذا محبه هذا الانسان بولده وبزوجه وبكل شئ يحبه وفي يوم واحد يرد عليه الف محبه بل تزيد فلا شبهه ان هذه الميول والأشواق والمحبات أو ما شئت فسمها جزئيات معنوية قائمه بالمعنى الذي هو النفس لم تكن ثم كانت وتزول فيما وجدت فهذا المعنى الجزئي لا بد له من مدرك للتضايف بين المدرك والمدرك ولا يصلح لدرك هذه المعاني الجزئية الوجدانية الحواس الظاهرة والحس المشترك والخيال لان وظيفتها ادراك الصور وحفظها وهذه معان ولا العاقلة لان شانها درك الكليات، وهذه جزئيات وجزئيتها ليست بمجرد الإضافة فلا بد من قوه أخرى غير الحس والخيال وغير العقل وهي مرادهم بالوهم ولا يجد العقل فرقا بين البياض وبين المحبة في كونها من الأنواع المنتشره الافراد الا ان افراد البياض من الصور والمحسوسات وافراد المحبة من المعاني الوجدانيات وقس عليها العداوة والكراهة ونحوهما وتتميم كلامه قده يبتنى على شيئين:
أحدهما ان لا يكون للمحبة والعداوة وأمثالهما جزئيات حقيقية الا نسب كلياتها إلى الصور الجزئية وليس كذلك كما قلناه وكما صرح نفسه في مبحث الإرادة والكراهة من الإلهيات بقوله الإرادة والكراهة كيفية نفسانية كسائر الكيفيات النفسانية وهي من الأمور الوجدانية كسائر الأمور الوجدانيات مثل اللذة والألم بحيث يسهل معرفه جزئياتها وقال بعد أسطر ولاقتران ادراك جزئيات كل منها بادراك جزئيات أمور أخرى الخ.
وثانيهما ان يكون ادراك المعاني الجزئية التي انحصرت في الإضافات الاعتبارية في الحيوانات العجم باتصال خيالها بأرباب أنواعها إذ لا عقل لها حتى يكون وهمها عقلا مقيدا ولو كانت ثمره هذا الكلام منه عدم تأصل وجود إبليس والأبالسة كما قالوا في آثارها ان الشر مجعول في القضاء واللوح بالعرض فليقتصر على الوهم الغالط واحكامه الغلط كحكمه بان هذا الأصفر عسل كما مر وكدرك الخوف من الميت ولا يتعدى إلى الوهم الذي كالكلب المعلم والى الحاكم بالمحبة على الأب المحب والتصديق ونحوهما والخوف من العدو المتغلب ولو كان العذر عدم عدهم مدركات الوهم عالما.
على حدة مثل مدركات الخيال كان تعبدا على أنه جاز ان يكون ذلك لعدهم إياها من الملكوت الأسفل لكونها معان جزئيه قائمه بنفوس قائمه بالصور الملكوتية والملكية أو من الملكوت الاعلى لشرافة المعنى وظني ان الداعي له على ذلك التوغل في التوحيد وحبه إذ الافراد المنتشره من المعاني حيث كانت المكثرات الصورية فيها من الاشكال والأوضاع والأحياز والجهات وغيرها مفقودة بخلاف الافراد المنتشره من الطبائع الصورية أمكن له توحيدها لكن الموضوعات والأزمنة وغيرها موجودة والعجب أنه ذكر هذا في مواضع منها مفاتيح الغيب س ره.