محمد (صلى الله عليه وآله) تريد أن توهم الناس في يزيد، كأنك تصف محجوبا أو تنعت غائبا أو تخبر عما كان مما احتويته بعلم خاص! وقد دل ذلك من نفسه على موقع رأيه فخذ ليزيد فيما أخذ فيه من استقرائه الكلاب المهارشة عند التهارش والحمام السبق لأترابهن، والقيان ذوات المعارف وضرب الملاهي، تجده باصرا، ودع عنك ما تحاول فما أغناك أن تلقى الله من وزر هذا الخلق بأكثر مما أنت لاقيه، فوالله ما برحت تقدح باطلا في جور وحقنا في ظلم حتى ملأت الأسقية، وما بينك وبين الموت إلا غمضة، فتقدم على عمل محفوظ في يوم مشهود ولات حين مناص! ورأيتك عرضت بنا بعد هذا الأمر ومنعتنا عن آبائنا تراثا! ولقد لعمر الله أورثنا الرسول (صلى الله عليه وآله) ولادة. وجئت لنا بما حججتم به القائم عند موت الرسول فأذعن للحجة بذلك ورده الإيمان إلى النصف، فركبتم الأعاليل وفعلتم الأفاعيل وقلتم كان ويكون حتى أتاك الأمر يا معاوية من طريق كان قصدها لغيرك، فهناك فاعتبروا يا أولي الأبصار!
وذكرت قيادة الرجل القوم بعهد رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتأميره له وقد كان ذلك، ولعمرو بن العاص يومئذ فضيلة بصحبة الرسول وبيعته له، وما صار لعمر الله يومئذ مبعثهم حتى أنف القوم إمرته وكرهوا تقديمه وعدوا عليه أفعاله فقال (صلى الله عليه وآله): لاجرم معشر المهاجرين لا يعمل عليكم بعد اليوم غيري، فكيف تحتج بالمنسوخ من فعل الرسول في أوكد الأحكام، وأولاها المجمع عليه من الصواب، أم كيف صاحبت بصاحب تابعا وحولك من لا يؤمن في صحبته ولا يعتمد في دينه وقرابته، وتتخطاهم إلى مسرف مفتون تريد أن تلبس الناس شبهة يسعد بها الباقي في دنياه وتشقى بها في آخرتك! إن هذا لهو الخسران المبين، وأستغفر الله لي ولكم.
قال فنظر معاوية إلى ابن عباس فقال: ما هذا يا بن عباس، ولما عندك أدهى