8 - الإمام الحسن (عليه السلام) يرد جبرية معاوية ويؤكد حرية الإنسان!
كتب اليه الحسن البصري: (من الحسن البصري إلى الحسن بن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أما بعد فإنكم معاشر بني هاشم الفلك الجارية في اللجج الغامرة، ومصابيح الدجى وأعلام الهدى، والأئمة القادة الذين من اتبعهم نجا، والسفينة التي يؤول إليها المؤمنون وينجو فيها المتمسكون. قد كثر يا ابن رسول الله عندنا الكلام في القدر واختلفنا في الاستطاعة، فتعلمنا ما نرى عليه رأيك ورأي آبائك فإنكم ذرية بعضها من بعض، من علم الله علمتم وهو الشاهد عليكم وأنتم شهداء على الناس. والسلام. فأجابه الحسن بن علي (عليه السلام):
من الحسن بن علي إلى الحسن البصري. أما بعد، فقد انتهى إلي كتابك عند حيرتك وحيرة من زعمت من أمتنا، وكيف ترجعون إلينا وأنتم بالقول دون العمل! واعلم أنه لولا ما تناهى إلي من حيرتك وحيرة الأمة قبلك لأمسكت عن الجواب ولكني الناصح ابن الناصح الأمين. والذي أنا عليه: أنه من لم يؤمن بالقدر خيره وشره فقد كفر، ومن حمل المعاصي على الله عز وجل فقد فجر! إن الله تعالى لا يطاع بإكراه ولا يعصى بغلبة، ولم يهمل العباد سدى من المملكة ولكنه عز وجل المالك لما ملكهم والقادر على ما عليه أقدرهم، فإن ائتمروا بالطاعة لم يكن الله عز وجل لهم صادا ولا عنها مانعا، وإن ائتمروا بالمعصية فشاء سبحانه أن يمن عليهم فيحول بينهم وبينها فعل، وإن لم يفعل فليس هو حملهم عليها إجبارا ولا ألزمهم بها إكراها، بل احتجاجه جل ذكره عليهم أن عرفهم وجعل لهم السبيل إلى فعل ما دعاهم إليه وترك ما نهاهم عنه ولله الحجة البالغة. والسلام). (كنز الفوائد للكراجكي / 170).