مفاوضات الصلح بين المدائن وحلب!
استقر الإمام الحسن (عليه السلام) في المدائن (نحو 50 كلم عن بغداد) يداوي جرحه البليغ في فخذه، وينتظر توافد الذين وعدوه بالحرب معه فواعدهم المدائن، وأخذت الأخبار تأتيه بانهيار الأمة أمام الموجة الإعلامية والسياسية لبني أمية، وأنه لم يصمد من جيشه إلا قيس بن سعد في بضعة آلاف مقاتل في منطقة الدجيل، مقابل جيش معاوية بقيادة بسر بن أرطاة!
(وورد عليه كتاب قيس بن سعد رضي الله عنه.... فازدادت بصيرة الحسن (عليه السلام) بخذلان القوم له، وفساد نيات المحكمة فيه (الخوارج) بما أظهروه له من السب والتكفير واستحلال دمه ونهب أمواله، ولم يبق معه من يأمن غوائله إلا خاصة من شيعته وشيعة أبيه أمير المؤمنين (عليه السلام)، وهم جماعة لا تقوم لأجناد الشام، فكتب إليه معاوية في الهدنة والصلح، وأنفذ إليه بكتب أصحابه الذين ضمنوا له فيها الفتك به وتسليمه إليه! واشترط له على نفسه في إجابته إلى صلحه شروطا كثيرة، وعقد له عقودا كان في الوفاء بها مصالح شاملة، فلم يثق به الحسن (عليه السلام) وعلم احتياله بذلك واغتياله، غير أنه لم يجد بدا من إجابته إلى ما التمس من ترك الحرب وإنفاذ الهدنة، لما كان عليه أصحابه مما وصفناه من ضعف البصائر في حقه، والفساد عليه والخلف منهم له، وما انطوى كثير منهم عليه في استحلال دمه وتسليمه إلى خصمه، وما كان في خذلان ابن عمه له ومصيره إلى عدوه، وميل الجمهور منهم إلى العاجلة وزهدهم في الآجلة). (الإرشاد: 2 / 14) وفي سير أعلام النبلاء: 3 / 277: (ومن الإستيعاب لأبي عمرو قال: سار الحسن إلى معاوية وسار معاوية إليه، وعلم أنه لا تغلب طائفة الأخرى حتى تذهب أكثرها،