الله يحسن عليك، فلما انصرف الحسين إليها قال: لها قد قدم عبد الله بن سلام وهو يثني عليك ويذكر أنه استودعك مالا فأد إليه ماله، فقالت: صدق وإنه لمطبوع عليه بطابعه، ثم لقي ابن سلام فقال: ما أنكرت وزعمت أنها لكما دفعتها لها بطابعك، ثم دخل عليها وقال: الحسين هذا عبد الله يطلب وديعته فأدها إليه فأخرجت البدرات فوضعتها بين يديه فشكرها وحثى لها من ذلك الدر حثوات واستعبرا جميعا، فقال الحسين: أشهد الله أنها طالق ثلاثا. اللهم إنك تعلم أني لم أتزوجها لمال ولا لجمال، ولكن أردت حبسها لبعلها وأرجو ثوابك على ذلك! فتزوجها عبد الله بن سلام وحرمها الله على يزيد). انتهى.
أقول: وهي قصة جسدت نبل الإمام الحسين (عليه السلام) وانحطاط معاوية ويزيد، وقد روتها المصادر المختلفة واشتهر منها مثل: رب ساع لقاعد (مجمع الأمثال: 1 / 300) الذي قاله معاوية لما فشلت خطته، وروي أنه قال لأبي هريرة (يا حمار)!
13 - مواجهته الحرب الاقتصادية على أهل البيت (عليهم السلام) أجمع المسلمون على أن الله آل خص آل محمد (صلى الله عليه وآله) بميزانية خاصة، ومنعهم أن يأخذوا من الزكاة التي يأخذ منها عامة الناس، وذلك تشريفا لهم وتوسعة عليهم! وقد حسدتهم السلطة فصادرت ما عندهم وحرمتهم سهمهم الذي فرضه الله لهم. وكان معاوية كالذين قبله يخطط لإفقار بني هاشم، فقد نقض الشروط المالية في صلحه مع الإمام الحسن (عليه السلام) وكان يمنع عنهم العطاء ما استطاع، ويغريهم بالإنفاق والسخاء الجنوني الذي يتصف به بعض العرب كما مر!
ثم حاول أن يستولي على مصادر ماليتهم وهي أوقاف النبي (صلى الله عليه وآله) وأوقاف فاطمة وأوقاف علي (عليهم السلام) وهي مالية كبيرة وأهمها عيون غزيرة استنبطها علي (عليه السلام) في ينبع وتيماء أو أم القرى وغيرها، وقد صارت في زمن الحسين (عليه السلام) بساتين واسعة.