والكيف، فلابد أن تكون نسخا متصورة من بعض الرواة، أو نسخا في مراحل المداولات، وهي إن كان لها قيمة شرعية كاملة لأنها موقعة من معاوية، لكنها ليست النسخة الأصلية والرق المختوم منه.
3 - لماذا لم ينشر معاوية نسخة عهد الصلح؟
عندما نقارن بين وثيقتي صفين والمدائن، نجد أن الوثيقتين تشتركان في الأهمية والزمان والأطراف تقريبا، فلماذا رووا نص الأولى بتفاصيل توجب الاطمئنان، بينما كثر التشويش والتناقض في روايتهم لنص الثانية؟!
والجواب الصحيح البسيط: أن معاوية وبني أمية أطلقوا لهم رواية نص الأولى لأنها بتصورهم لمصلحتهم، بينما منعوا رواية الثانية لأنها ضدهم!
والرواة والمؤرخون الرسميون يحرصون على مصلحة معاوية وبني أمية حتى لو كانت ضد الواقع، بل وضد الإسلام، وسترى ما فعله البخاري نموذجا!
لذا لا يصح أن نتوقع من معاوية أن يعترف أني شرطت على نفسي أن تكون الخلافة بعدي للحسن، وحلفت على ذلك أغلظ الأيمان، وبعثت له ضامنين من بني أمية، ثم قتلته وجعلت الخلافة ملكا عضوضا وإرثا لولدي يزيد؟!
وهل تريد منه أن يعترف بأنه شرط للحسن أن لا يسب عليا (عليهما السلام) على المنابر وفي قنوت الصلاة وحلف عليه بأغلظ الأيمان وأشهد الشهود، ثم خالف ذلك ليستوفي لعن النبي (صلى الله عليه وآله) لأبي سفيان في قنوت الصلاة؟! وأنه حلف أن لا يضطهد شيعة علي (عليه السلام) ولا يسفك دماءهم، ثم نكث؟! إن معاوية أحرص الناس على أن يخفي وثيقة الصلح لينسى الناس تعهده تجاه مستقبل الخلافة وتجاه أهل بيت النبي (عليهم السلام) وشيعتهم، ووعوده السخية لأهل العراق بالأمن والأمان والعفو والرفاهية!
يكفي دليلا على ذلك ما رواه الجميع من أن معاوية تعمد أن يتحدى أهل