القبر في جهة القبلة فتزداد الكراهة). انتهى.
وعليه فمعنى كلام بخاري أن فاطمة بنت الحسين أو زوجة الحسن (عليهم السلام) قد اتخذت القبر مسجدا فشملتها لعنة النبي (صلى الله عليه وآله)! وقد حكم شراحه بأن المنادي من الملائكة أو مؤمني الجن وأنهم نواصب ينتقدون هذا العمل لأنه لا يعيد الميت إلى الحياة! وهو نموذج من جفاف العواطف وقبول الأساطير!
ومن خشونتهم انتقادهم وفاء الرباب بنت امرئ القيس لزوجها الإمام الحسين (عليه السلام) حيث آلت على نفسها أن لا تستظل بظل بعد أن قتل عطشانا على رمضاء كربلاء: (وقد خطبها بعده خلق كثير من أشراف قريش فقالت: ما كنت لأتخذ حموا بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله)! ووالله لا يؤويني ورجلا بعد الحسين سقف أبدا! ولم تزل عليه كمدة حتى ماتت)! (النهاية: 8 / 229، وكامل ابن الأثير: 3 / 440، وتاريخ دمشق: 69 / 120).
والأمر الثاني: أن أهل البيت (عليهم السلام) تعمدوا أن يقيموا مجالس العزاء والبكاء والنوح على شخصياتهم وعامتهم، وقد أوصى عدد منهم بذلك وأن يكون في المدينة أو منى في موسم الحج، من أجل تأصيل هذه الحالة الإنسانية الإسلامية وتعميمها على المسلمين، وليدحضوا بها الخشونة البدوية التي تزعم أن الإسلام نهى عن البكاء على الميت، وأن بكاء الشخص على ميته يوجب عذابه! ويبطلوا سياسة السلطة التي استعملتها ضدهم بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وآله)!
22 - العزاء على الإمام الحسن (عليه السلام) في البصرة (قال أبو الحسن المدائني: وصل نعي الحسن رضي الله عنه إلى البصرة في يومين وليلتين، فقال الجارود بن أبي سبرة:
إذا كان شرا سار يوما وليلة * وإن كان خيرا أخر السير أربعا