وفكر قبل أن تندم، فإن النظر قبل التقدم والتفكر قبل التندم. قال: فتبسم معاوية ضاحكا ثم قال: يا بن أخ! إنك تعلمت السجاعة على رأس الكبر إن دون ما سجعت به على أخيك يكفيك. قال: ثم أرسل إلى الأحنف بن قيس فدعاه، ثم شاوره في أمر يزيد فقال: يا أمير المؤمنين! إننا نخافكم إن صدقنا ونخاف الله إن كذبنا ولكن عليك بغيري. قال: فأمسك عنه معاوية وجعل يروض الناس في كل سنة وفي كل موسم يدعوهم إلى بيعة يزيد). (فتوح ابن الأعثم: 4 / 231).
(ثم تكلم الأحنف بن قيس فقال: يا أمير المؤمنين أنت أعلمنا بيزيد في ليله ونهاره وسره وعلانيته ومدخله ومخرجه فإن كنت تعلمه لله رضا ولهذه الأمة فلا تشاور الناس فيه وإن كنت تعلم منه غير ذلك فلا تزوده الدنيا وأنت صائر إلى الآخرة فإنه ليس لك من الآخرة إلا ما طاب. واعلم أنه لا حجة لك عند الله إن قدمت يزيد على الحسن والحسين وأنت تعلم من هما وإلى ما هما، وإنما علينا أن نقول سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير. قال صاحب العقد: فتفرق الناس ولم يذكروا إلا كلام الأحنف). (جمهرة خطب العرب: 2 / 245).
وما أن تم له قتل الإمام الحسن (عليه السلام) في شهر صفر سنة 50 ورتب غزوة يزيد المزورة، حتى بدأ بأخذ البيعة ليزيد في الشام وغيرها، وأرسل إلى مروان عامله على المدينة أن يأخذ له البيعة من الصحابة والأنصار، فحاول معهم فرفضوا وثارت عليه مشاكل خاصة مع عبد الرحمن بن أبي بكر وعائشة وابن الزبير، فكتب إلى معاوية برفضهم فعزله وعين مكانه سعيد بن العاص، فترك مروان المدينة مغاضبا! وبذل سعيد كل جهده: (دعا الناس إلى البيعة ليزيد وأظهر الغلظة وأخذهم بالعزم والشدة وسطا بكل من أبطأ عن ذلك! فأبطأ الناس عنها إلا اليسير لا سيما بني هاشم فإنه لم يجبه منهم أحد، وكان ابن الزبير من أشد الناس