الإمام الحسن (عليه السلام) بين المعادلة الإسلامية والجاهلية بعد أن تراجع المسلمون عن الجهاد مع أمير المؤمنين (عليه السلام) تخاذلا وحبا للحياة! ونجح معاوية في سياسة تخذيلهم وشراء شخصيات مؤثرة منهم، وغاراته على مناطق العراق والحجاز واليمن.. وصل تفكير معاوية إلى غزو العراق وإجبار أمير المؤمنين (عليه السلام) على الصلح، أو قتله بواسطة عملائه المباشرين كجماعة الأشعث، أو غير المباشرين كالخوارج!
في هذا الجو كانت شهادة أمير المؤمنين وبيعة الإمام الحسن (عليهما السلام)، وكانت المعادلة عنده واضحة فإما أن يستعمل أساليب معاوية غير المشروعة لإقامة دولة دنيوية تعادي القيم الإسلامية والإنسانية، وإما أن يواصل مشروع أبيه في إعادة العهد النبوي، ويحافظ على ما حققه من نصر، ويكون الثمن خضوعه لموجة بني أمية المتفاقمة، وانسحابه مع أهل بيته من المسرح السياسي لمصلحة معاوية!
وطبيعي أن يختار الإمام الحسن (عليه السلام) هذا الخيار، مهما كان صعبا ومؤلما!
فهو من جهة، الإمام المعصوم من ربه، كأبيه وأخيه وأمه فاطمة الزهراء (عليهم السلام).
وهو من جهة، شريك أبيه في قناعاته وسياسته وحربه وسلمه، وهو أحد أركان العترة النبوية الطاهرة (عليهم السلام) التي تحملت مؤامرة قريش وهجومها على بيتهم ليحرقوه عليهم، فصبروا من أجل الإسلام، وتنفيذ وصية جدهم الحبيب (صلى الله عليه وآله).
وهو مع كل هذا، يعلم ما أخبر الله تعالى رسوله (صلى الله عليه وآله) بأنه سيجري على هذه الأمة بعد رسولها (صلى الله عليه وآله) والثمن الباهظ الذي يجب على أهل البيت (عليهم السلام) أن يدفعوه، فقد أخبرهم بذلك جدهم الحبيب (صلى الله عليه وآله)، وأعدهم لما يجب أن يفعلوه!
إن بين جنبي الإمام الحسن روح جده (صلى الله عليه وآله)، الروح الشامخة التي تأبى الضيم.. لكن عبوديته لله تعالى أشد عمقا ورسوخا وشموخا! والدين في فهمه النبوي ليس إعمال الرأي مهما بدا صائبا ومفيدا، بل طاعة أمر الرب ونهيه، مهما كان