وصية الإمبراطور الطاغية إلى ولده المدلل روى الطبري في تاريخه: 4 / 238، عن ابن مخرمة: (أن معاوية لما مرض مرضته التي هلك فيها، دعا يزيد ابنه فقال: يا بني إني قد كفيتك الرحلة والترحال ووطأت لك الأشياء وذللت لك الأعداء، وأخضعت لك أعناق العرب وجمعت لك من جمع واحد. وإني لا أتخوف أن ينازعك هذا الأمر الذي استتب لك إلا أربعة نفر من قريش: الحسين بن علي، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، وعبد الرحمن بن أبي بكر. فأما عبد الله بن عمر فرجل قد وقذته العبادة وإذا لم يبق أحد غيره بايعك. وأما الحسين بن علي فإن أهل العراق لن يدعوه حتى يخرجوه فإن خرج عليك فظفرت به فاصفح عنه فإن له رحما ماسة وحقا عظيما. وأما ابن أبي بكر فرجل إن رأى أصحابه صنعوا شيئا صنع مثلهم، ليس له همة إلا في النساء واللهو! وأما الذي يجثم لك جثوم الأسد ويراوغك مراوغة الثعلب فإذا أمكنته فرصة وثب فذاك ابن الزبير! فإن هو فعلها بك فقدرت عليه فقطعه إربا إربا. قال هشام قال عوانة: قد سمعنا في حديث آخر أن معاوية لما حضره الموت وذلك في سنة 60 وكان يزيد غائبا فدعا بالضحاك بن قيس الفهري وكان صاحب شرطته ومسلم بن عقبة المري فأوصى إليهما فقال: بلغا يزيدا وصيتي: أنظر أهل الحجاز فإنهم أصلك فأكرم من قدم عليك منهم وتعاهد من غاب، وانظر أهل العراق فإن سألوك أن تعزل عنهم كل يوم عاملا فافعل، فإن عزل عامل أحب إلى من أن تشهر عليك مائة ألف سيف. وانظر أهل الشأم فليكونوا بطانتك وعيبتك، فإن نابك شئ من عدوك فانتصر بهم فإذا أصبتهم فاردد أهل الشأم إلى بلادهم، فإنهم إن أقاموا بغير بلادهم أخذوا
(٣٩٧)