صعبا! فقد قال جده المصطفى (صلى الله عليه وآله) لأبيه المرتضى (عليه السلام): (وتجاهد أمتي كل من خالف القرآن، ممن يعمل في الدين بالرأي، ولا رأي في الدين، إنما هو أمر من الرب ونهي). (الإحتجاج: 1 / 290). وها هو الإمام الحسن بعد شهادة أبيه (عليهما السلام) يواجه مرحلة امتحانه في طاعة ربه عز وجل فينجح، ويتحمل لأجل الإسلام آلام الخضوع لطاغية زمانه، فيكون الإمام الممتحن بانهيار أمة جده في عهده، وخضوعها لابن أبي سفيان! فهذه هي الرؤيا التي أراها الله لجده المصطفى (صلى الله عليه وآله) وهو على منبره، أراه قادة أمته قرودا ينزون على منبره! وأنزل عليه قوله تعالى: وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة الملعونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا). (الإسراء: 60) الإمام الحسن (عليه السلام) يمتحن جمهوره ذكر المؤرخون والمحدثون هذه الخطبة للإمام الحسن (عليه السلام) ولم يحددوا وقتها، ويبدو أنها كانت في الكوفة قبل حركته بجيشه إلى المدائن.
قال الذهبي في سير أعلام النبلاء: 3 / 269: (وفي مجتنى ابن دريد: قام الحسن بعد موت أبيه فقال: والله ما ثنانا عن أهل الشام شك ولا ندم، وإنما كنا نقاتلهم بالسلامة والصبر، فشيبت السلامة بالعداوة والصبر بالجزع! وكنتم في منتدبكم إلى صفين دينكم أمام دنياكم، فأصبحتم ودنياكم أمام دينكم! ألا وإنا لكم كما كنا ولستم لنا كما كنتم. ألا وقد أصبحتم بين قتيلين: قتيل بصفين تبكون عليه، وقتيل بالنهروان تطلبون بثأره، فأما الباقي فخاذل، وأما الباكي فثائر! ألا وإن معاوية دعانا إلى أمر ليس فيه عز ولا نصفة، فإن أردتم الموت رددنا عليه، وإن أردتم الحياة قبلناه).
ونحوه في نزهة الناظر للحلواني / 77، وفيه: (فإن أردتم الموت رددناه إليه، وحاكمناه إلى الله، وإن أردتم الحياة قبلناه، وأخذنا بالرضا. فناده القوم: البقية البقية)!