إلى عاصمته القسطنطينية وخوفه من مهاجمة المسلمين لها، وهو يدل على أن التوغل في بلاد الروم كان مفتوحا أمام المسلمين. قال الواقدي: (إن الملك هرقل لما ركب البحر وخرج من أنطاكية ووصل إلى قسطنطينية، قصدته الروم من كل مكان من المنهزمين وغيرهم، وبلغه أن أنطاكية قد فتحت صلحا وأنه قتل من كان فيها من المقاتلة، فصعب عليه وبكى ثم قال: السلام عليك يا أرض سوريا إلى يوم اللقاء! وقد تجمع عنده من البطارقة والحجاب وغيرهم خلق كثير فقال لهم: إني أخاف من العرب أن ترسل في طلبنا، ثم إنه جهز ثلاثين ألفا مع ثلاثة بطارقة، وأمرهم أن يحفظوا له الدروب). انتهى.
وعليه فلم تكن للروم مقاومة للمسلمين في قبرص وحتى في أنطاكية وغيرها. قال ابن قدامة في الخراج / 306: (وذلك في سنة ثمان وعشرين فلما صار المسلمون إلى قبرص فأرقوا (.) إلى ساحلها، بعث إليهم صاحبها يطلب الصلح وأذعن أهلها فصالحهم معاوية على سبعة آلاف ومائتي دينارا يؤدونها في كل سنة، وفارقهم الروم على مثل ذلك، واشترط المسلمون عليهم مع أداء الإتاوة النصيحة وإنذار المسلمين بسير الروم إليهم). (ونحوه: 2 / 219، والإستقصاء: 1 / 94، والطبري: 3 / 318، وفيه: وعليهم أن يؤذنوا المسلمين بمسير عدوهم من الروم إليهم وعلى أن يبطرق إمام المسلمين عليهم منهم).
السادسة، زعموا في بعض التفاسير أن معاوية اكتشف أهل الكهف في غزوته للروم! وقد اتضح كذب ذلك بما تقدم، ولا نطيل فيه. راجع الكشاف: 2 / 476، تفسير الرازي: 21 / 113، وتفسير القرطبي: 10 / 389.
* *