ويظهر أن ما رواه ابن الأثير وغيره من خطبة معاوية كان في ذلك المجلس: (وخطب معاوية في المدينة فمدح يزيدا وقال: من أحق منه بالخلافة في فضله وعقله وموضعه؟! وما أظن قوما بمنتهين حتى تصيبهم بوائق تجتث أصولهم، وقد أنذرت إن أغنت النذر! ثم أنشد متمثلا:
قد كنت حذرتك آل المصطلق * وقلت يا عمرو أطعني وانطلق إنك إن كلفتني ما لم أطق * ساءك ما سرك مني من خلق دونك ما استسقيته فأحس وذق).
(كامل ابن الأثير: 3 / 353، ونهاية الإرب / 4468).
وفي الإصابة لابن حجر: 4 / 276: (خطب معاوية فدعا الناس إلى بيعة يزيد فكلمه الحسين بن علي وابن الزبير وعبد الرحمن بن أبي بكر فقال له عبد الرحمن: أهرقلية؟ كلما مات قيصر كان قيصر مكانه! لا نفعل والله أبدا! وبسند له إلى عبد العزيز الزهري قال: بعث معاوية إلى عبد الرحمن بن أبي بكر بعد ذلك بمائة ألف فردها وقال: لا أبيع ديني بدنياي! وخرج إلى مكة فمات بها قبل أن تتم البيعة ليزيد، وكان موته فجأة من نومه نامها بمكان على عشرة أميال من مكة، فحمل إلى مكة ودفن بها، ولما بلغ عائشة خبره خرجت حاجة (معتمرة) فوقفت على قبره فبكت وأنشدت أبيات متمم بن نويرة في أخيه مالك، ثم قالت: لو حضرتك دفنتك حيث مت ولما بكيتك). انتهى.
أي ما بكيتك حتى آخذ بثارك! وقد تقدم في المجلد الثاني أن معاوية قتله بالسم، وأن عائشة ماتت على أثره، الأمر الذي يبعث الشك.
قال ابن الأعثم في الفتوح: 4 / 336: (فطلعت أثقال معاوية ورحل إلى المدينة فلما تقارب منها خرج الناس يلاقونه وفيمن خرج إليه عبد الرحمن بن أبي بكر وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير والحسين بن علي... فصعد المنبر فحمد الله وأثنى