الناس قد علمتم أن رسول الله قبض ولم يستخلف أحدا فرأى المسلمون أن يستخلفوا أبا بكر وكانت بيعته بيعة هدى فعمل بكتاب الله وسنة نبيه، فلما حضرته الوفاة رأى أن يستخلف عمر فعمل عمر بكتاب الله وسنة نبيه فلما حضرته الوفاة رأى أن يجعلها شورى بين ستة نفر اختارهم من المسلمين، فصنع أبو بكر ما لم يصنعه رسول الله، وصنع عمر ما لم يصنعه أبو بكر، كل ذلك يصنعونه نظرا للمسلمين فلذلك رأيت أن أبايع ليزيد لما وقع الناس فيه من الاختلاف، ونظرا لهم بعين الإنصاف. قال: وذكروا أن عبد الله بن الزبير قام إلى معاوية فقال: إن رسول الله قبض فترك الناس إلى كتاب الله فرأى المسلمون أن يستخلفوا أبا بكر، ثم رأى أبو بكر أن يستخلف عمر وهو أقصى قريش منه نسبا، ورأى عمر أن يجعلها شورى بين ستة نفر اختارهم من المسلمين، وفي المسلمين ابنه عبد الله وهو خير من ابنك، فإن شئت أن تدع الناس على ما تركهم رسول الله فيختارون لأنفسهم، وإن شئت أن تستخلف من قريش كما استخلف أبو بكر خير من يعلم وإن شئت أن تصنع مثل ما صنع عمر تختار رهطا من المسلمين وتزويها عن ابنك فافعل. فنزل معاوية عن المنبر وانصرف ذاهبا إلى منزله). (الإمامة والسياسة: 1 / 161، وفي طبعة: 1 / 149، و: 1 / 210).
أقول: ذكر ابن قتيبة هنا أن معاوية وكل بكل رجل منهم شخصين من حرسه وأمرهم أن يضربوا عنقه إن رد عليه بكلمة، وخطب وأعلن أنهم جميعا بايعوا يزيدا فلم يستطيعوا عمل شئ! لكن الصحيح أن هذه العملية كانت في مكة، ومن البعيد أن معاوية كررها. بل سافر إلى مكة وهو غاضب، وكان المعارضون سافروا قبله لعمرة رجب، فاخترع لهم البيعة المزورة تحت السيف كما سيأتي!
هذا، وفي خطبة الإمام الحسين (عليه السلام) مواضيع مهمة لا يتسع المجال لبحثها.