وبينه الرمح أو السيف! فأمر معاوية برمح أو سيف فوضع بينه وبينه، ليبر يمينه)!
الملاحظة الثالثة: لاخيار شرعيا للإمام (عليه السلام) إلا التنازل عن الحكم إن موقف الإمام الحسن (عليه السلام) هو غاية ما يمكن فعله مع أمة صارت بين يدي إمامها كالتراب، واستسلمت لطامع فاغر فاه، تعلم أنه منافق، وأنه وأباه ألد أعداء نبيها وعترته (صلى الله عليه وآله)! لقد تعب رؤساؤها فتخلوا عن العمل بالدوافع الدينية، بل تخلوا عن أي حساب للمستقبل، وصاروا يتحركون بدوافع مادية آنية فقط!
قال زيد بن وهب الجهني: (لما طعن الحسن بن علي (عليه السلام) بالمدائن أتيته وهو متوجع فقلت: ما ترى يا بن رسول الله فإن الناس متحيرون؟ فقال: أرى والله أن معاوية خير لي من هؤلاء، يزعمون أنهم لي شيعة، ابتغوا قتلي وانتهبوا ثقلي، وأخذوا مالي، والله لئن آخذ من معاوية عهدا أحقن به دمي، وأومن به في أهلي، خير من أن يقتلوني فتضيع أهل بيتي وأهلي، والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلما! والله لئن أسالمه وأنا عزيز خير من أن يقتلني وأنا أسير، أو يمن علي فيكون سنة على بني هاشم آخر الدهر، ومنة لمعاوية لا يزال يمن بها وعقبه على الحي منا والميت! قال قلت: تترك يا بن رسول الله شيعتك كالغنم ليس لها راع؟! قال: وما أصنع يا أخا جهينة إني والله أعلم بأمر قد أدى به إلي ثقاته: أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لي ذات يوم وقد رآني فرحا: يا حسن أتفرح كيف بك إذا رأيت أباك قتيلا؟! كيف بك إذا ولي هذا الأمر بنو أمية، وأميرها الرحب البلعوم الواسع الإعفجاج، يأكل ولا يشبع، يموت وليس له في السماء ناصر ولا في الأرض عاذر، ثم يستولي على غربها وشرقها، يدين له العباد ويطول ملكه، يستن بسنن أهل البدع الضلال، ويميت الحق وسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقسم المال في أهل ولايته، ويمنعه من هو أحق به ويذل في ملكه المؤمن،