مقابر المسلمين! وجاءت أم المؤمنين حفصة والنساء تسير معها، فلما رأيناها قمنا فولجت عليه فبكت عنده ساعة، واستأذن الرجال فولجت داخلا لهم، فسمعنا بكاءها من الداخل، فقالوا أوص يا أمير المؤمنين، استخلف. قال: ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله وهو عنهم راض فسمى عليا وعثمان والزبير وطلحة وسعدا وعبد الرحمن). (وسنن البيهقي: 4 / 58، وابن أبي شيبة: 3 / 230، و: 8 / 576، وابن حبان: 15 / 352، والطبقات: 3 / 338، وغيرهم).
لكن رواية ابن سعد في الطبقات: 3 / 363، تدل على أن عمر رأى المكان قبل اغتياله وقاسه بالعصا، لأنه قال أو قيل له لا يسع قبرا! قال: (فأذنت، قال عمر: إن البيت ضيق، فدعا بعصا فأتي بها فقدر طوله، ثم قال: إحفروا على قدره). انتهى. فلا بد أن يكون ذلك في حال صحته، ولعل عائشة اعتذرت منه يومها بضيق المكان فجاء بنفسه وقاسه بالعصا فوجد فيه مكان قبر واحد ضيق!
ويؤيد ذلك ما رواه ابن الضياء في تاريخ مكة / 239، أن عمر بن عبد العزيز عندما سقط جدار الحجرة الشريفة: (أمر ابن وردان أن يكشف عن الأساس، فبينما هو يكشفه إذ رفع يده وتنحى فقام عمر بن عبد العزيز فزعا فرأى قدمين ورأى الأساس وعليها السعد، فقال له عبد الله بن عبد الله بن عمر: أيها الأمير لا يروعك فهما قدما جدك عمر بن الخطاب ضاق البيت عنه، فحفر له في الأساس! فقال له ابن وردان: غط ما رأيت، ففعل). انتهى.
فماذا حدث حتى صار المكان ضيقا؟ والجواب أن الحجرة النبوية كانت واسعة ولها باب على المسجد، لكن السلطة بنت جدارا عزلت فيه قبر النبي (صلى الله عليه وآله) عن المسجد بجدار كان قصيرا أول الأمر، وقد تكون عزلت القبر من داخل الحجرة بجدار أيضا، وكانت عائشة تجلس في القسم الآخر من الحجرة بحجة