أنها لها، مع أن غرفتها في مكان آخر كما مر، ولكنها لم تكن تسكن عند قبر النبي (صلى الله عليه وآله) ولا في حجرتها من جهة القبلة، بل في بيت بعيد عن المسجد، هو الذي ذهب اليه مروان وجاء بها على بغلة لمنع دفن الإمام الحسن (عليه السلام)!
فالمكان الذي قاسه عمر لا بد أن يكون قسما من الحجرة الشريفة بعد أن بنوا لها جدارا من جهة المسجد، وجدارا آخر من جهة البيت النبوي!
وقد التفت شراح بخاري إلى تناقض كلام عائشة فقال في فتح الباري: 3 / 205: (قال ابن التين: قول عائشة في قصة عمر: كنت أريده لنفسي، يدل على أنه لم يبق ما يسع إلا موضع قبر واحد، فهو يغاير قولها عند وفاتها: لا تدفني عندهم! فإنه يشعر بأنه بقي من البيت موضع للدفن)! انتهى.
وليس هذا هو التناقض الوحيد ففي أقوالها وتصرفها في الحجرة النبوية عدة تناقضات! منها أنها وهبت مكانا لعثمان ليدفن فيه لكن المسلمين لم يرضوا بدفنه في مقابر المسلمين! فقد روى ابن شبة في تاريخ المدينة: 1 / 113، عن عمر بن عبد العزيز، وكان أمير المدينة، قال: (اتكأ الوليد (الخليفة) على يدي حين قدم المدينة فجعل يطوف المسجد ينظر إلى بنائه، ثم إلى بيت النبي فوقف عليه ثم أقبل علي فقال: أمعه أبو بكر وعمر؟ قلت: نعم. قال: فأين أمير المؤمنين عثمان؟ قال: فالله يعلم أني لظننت أنه لا يبرح حتى يخرجهما! فقلت: يا أمير المؤمنين إن الناس كانوا حين قتل عثمان في فتنة وشغل، فذاك الذي منعهم من أن يدفنوه معهم. فسكت)! كما روى حديثا آخر طويلا جاء فيه: (ثم أخرجناه لنصلي عليه فقالت المصرية: والله لا يصلى عليه... ثم أرادوا دفنه مع نبي الله وكان قد استوهب من عائشة موضع قبر فوهبت له فأبوا وقالوا: ما سار بسيرتهم فيدفن معهم؟!) انتهى.
ومعنى (المصرية) الوفد المصري الذي جاء شاكيا ظلم الوالي الأموي فلم يسمع