غرناطة وولاه خطابته لما اشتهر به من إجادة الخطبة للملوك بزعمهم وألف السلطان أبا سالم في مثوى اغترابهما من غرناطة وشاركه عند أبي الحجاج فرعى السلطان وسائله وبوآته القديمة والحادثة إلى مقامه عند أبيه فلما استوسق له ملك المغرب استخصه بولايته وألقى عليه محبته وعنايته وكان مؤامره ونجي خلوته والغالب على هواه فانصرفت إليه الوجوه وخضعت ووطئ عقبه الاشراف والوزراء وعطف على بابه القواد والأمراء وصار زمام الدولة بيده وكان يتجافى عن ذلك أكثر أوقاته حذرا من سوء المغبة ويزجر من يتعرض له في الشكاية ويوهم إلى أصحاب المراتب والخطط بباب السلطان وهم يعلمون انه قد ضرب على أيديهم فنقموا ذلك وسخطوا الدولة من أجله ومرضت القلوب أهل الحل والعقد من تقدمه ونفس عليه الوزراء ما ثبت له عند السلطان من الحظ فتربصوا بالدولة وشمل هذا الداء الخاصة والعامة وكان عمر بن عبد الله بن علي لما هلك أبوه الوزير عبد الله بن علي في جمادى سنة ستين عند استيلاء السلطان على ملكه تحلبت شفاه أهل الدولة على تراثه وكان مثريا فاستجار منهم بابن مرزوق وساهمه في تراث أبيه بعد أن حملوا السلطان على النيل منه والإهانة له فأجاره منهم ورفع عند السلطان رتبته وحمله على الاصهار إليه في أخته وقلده السلطان أمانة البلد الجديد دار ملكه متى عنت له الرحلة عنها وأصهر عمر إلى وزير الدولة مسعود بن ماسى تسكينا لروعته واستخلاصا لمودته وسفر عن السلطان إلى صاحب تلمسان في شعبان من سنة اثنين وستين ونمى عنه داخل صاحب تلمسان في بعض المكر فهم بنكبته وقتله ودافع عنه ابن مرزوق وخلص من عقابه وطوى على البث وتصرف في الدولة وتربص بالدولة وأعيد إلى مكانه من الأمانة على دار الملك أول ذي العقدة مرجعه من تلمسان لما كان السلطان قد تحول عنها إلى القصبة بفاس واختط إيوانا فخما لجلوسه بها لضيق قصوره بها فلما استولى عمر على دار الملك حدثته نفسه بالتوثب وسول له ذلك ما اطلع عليه من مرض القلوب والنكير على الدولة لمكان ابن مرزوق فداخل قائد الجند غريسة بن انطول واتعدوا لذلك ليلة الثلاثاء السابع عشر من ذي القعدة سن اثنين وستين وخلصوا إلى تاشفين الموسوس ابن السلطان أبى الحسن بمكانه من البلد الجديد فخلعوا عليه وألبسوه شارة الملك وقربوا له مركبه وأخرجوه إلى أريكة السلطان فأقعدوه عليها وأكرهوا شيخ الحامية والناشبة محمد بن الزرقاء على البيعة له وجاهروا بالخلعان وقرعوا الطبول ودخلوا إلى مودع المال ففرضوا العطاء من غير تقدير ولا حسبان وماج أهل البلد الجديد من الجند بعضهم في بعض واختطفوا ما وصلوا إليه من العطاء وانتهبوا ما كان بالمخازن الخارجة من السلع والعدة وأضرموا النار في بيوتها سترا
(٣١٣)