وعقد له على ذلك الثغر وضم الاعمال إليه وبلغ الخبر بذلك إلى المرتضى فأهمه الشأن وأحضر الملا من الموحدين وفاوضهم واعتزم على حرب بنى مرين وسرح العساكر سنة خمسين فأحاطت بسلا فافتتحوها وعادت إلى طاعة المرتضى وعقد عليها لابي عبد الله بن أبي يعلوا من مشيخة الموحدين وكان المرتضى قد صمد بنفسه سنة تسع وأربعين إلى محاربة بنى مرين في جموع الموحدين وعساكر الدولة وصمد بنو مرين للقائه والتقى الجمعان بايميلواين ففضوا جموعه وكانت الدبرة عليه والظهور لهم ثم كان بعد فتح سلا وغلب الموحدين عليها وأجمع المرتضى بعدها على احتشاد أهل سلطانه ومعاودة الخروج بنفسه إلى غزوهم لما خشى من امتداد أمرهم وتقلص ملك الموحدين فعسكر خارج حضرته سنة ثلاث وخمسين وبعث الحاشد في الجهات فاجتمع إليه أمم الموحدين والعرب والمصامدة وأغذ السير تلقاءهم حتى إذا انتهوا إلى جبال بهلولة من نواحي فاس وصمد إليه الأمير أبو يحيى في عساكر بنى مرين ومن اجتمع إليهم من ذويهم والتقى الجمعان هنالك وصدقهم بنو مرين القتال فاختل مصاف السلطان وانهزمت عساكره وأسلمه قومه ورجع إلى مراكش مغلولا واستولى القوم على معسكره واستباحوا سرادقه وفساطيطه وانتهبوا جميع ما وجدوا بها من المال والذخيرة واستاقوا سائر الكراع والظهر وامتلأت أيديهم من الغنائم واعتز أمرهم وانبسط سلطانهم وكان يوما له ما بعده وأغزى اثر هذه الحركة ببني مرين تادلا واستباح بنى جابر حاميتها من جشم ببلد ابني نفيس واستلحم أبطالهم ولا أن من حدهم وخضد من شوكتهم وفى أثناء هذه الحروب كان مقتل علي بن عثمان بن عبد الحق وهو ابن أخي الأمير أبى يحيى شعر منه بفساد الدخلة والاجماع للتوثب به فدس لابنه أبى حديد مفتاح بقتله فقتله في جهات مكناسة سنة احدى وخمسين والله تعالى أعلم * (الخبر عن فتح سلجماسة وبلاد القبلة وما كان في ذلك من الاحداث) * لما يئس بنو عبد المؤمن من غلبهم بنى مرين على ما صار في أيديهم من بلاد المغرب وعادوا إلى مدافعتهم عن صمامة الدولة التي تحملت إياها شفافههم لو أطاقوا المدافعة عنها وملك بنو مرين عامة بلاد التلول اعتزم الأمير أبو يحيى بعدها على الحركة إلى بلاد القبلة ففتح سجلماسة ودرعة وما إليها سنة ثلاث وخمسين وافتتحها بمداخلة من ابن القطراني غدر بعامل الموحدين فتقبض عليه وأمكن منها الأمير أبا يحيى فملكها وما إليها من درعة وسائر بلاد القبلة وعقد لابنه أبى حديد وبلغ الخبر إلى المرتضى فسرح العساكر سنة أربع وخمسين لاستنقاذها وعقد عليهم لابن عطوش ففر راجعا إلى مراكش ثم نهض سنة خمس وخمسين إلى محاربة يغمراسن وبنيه بأبي سليط فأوقع بهم
(١٦٧)