أن بينة كل منهما تقتضي الكل وهما متعذران فيحصل النقصان عليهما. ومن هنا اتجه التعدية إلى التثليث لو كانوا ثلاثة، والتربيع لو كانوا أربعة وهكذا، وليس إلا لما ذكرنا. ومنه مفروض المسألة التي لا يمكن الجمع فيها بين بينة النصف مثلا وبين بينة الكل، فنقول في النصف كما عالت في الأول، فيوزع عليهما أثلاثا، لأن نسبة الكل إلى النصف كذلك، فالعول عنده نحو العول في الفرائض لولا نصوص أهل العصمة (عليهم السلام) لقضاء كل بينة مثلا بمقتضاها نحو قوله: للزوج النصف وللأختين من الأب الثلثان ومن الأم الثلث، لا مثل العول في تزاحم الديون على التركة الذي مرجعه عند التأمل أيضا إلى ذلك.
لكن فيه أن محل النصوص حيث لا يسلم جزء من العين لا نزاع فيه، أما في المفروض فلا دلالة فيها عليه، بل لعل ظاهر مرسل ابن المغيرة (1) عن الصادق (عليه السلام) (في رجلين كان بينهما درهمان فقال أحدهما:
الدرهمان لي، وقال الآخر: هما بيني وبينك، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): أما الذي قال: هما بيني وبينك فقد أقر بأن أحد الدرهمين ليس له فيه شئ وأنه لصاحبه، وأما الآخر فبينهما) خلاف ذلك.
وكذا مرسل ابن أبي حمزة (2) عنه (عليه السلام) أيضا.
ولكن الانصاف مع ذلك عدم خلو كلام ابن الجنيد من قوة مع تزاحم الأمارات الشرعية ولم يكن شئ متسالم عليه فيما بينهم أنه لأحدهم، ولعله لذلك أو لما يقرب منه سمعت الميل إليه في المختلف في ما فرضه، فلاحظ وتأمل.