لكن قد عرفت تقييد تلك العمومات بإذن الإمام (عليه السلام) لأن الحكومة له، ودعوى أن المنصب له لا خصوص الحكم في واقعة مخصوصة رضي المتنازعان فيها بحكم من حكماه كما ترى مناف لظاهر الدليل المزبور المعتضد بقوله تعالى (1): " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم " وبالأمر (2) بالرد فيما تنازعوا فيه إلى الله ورسوله وأولي الأمر الذين هم الأئمة صلوات الله وسلامه عليهم، فإنهم أدرى باستنباطه من غيرهم.
ونصوص نائب الغيبة منافية لفرض موضوعه الذي هو فقد الإذن له، كما هو واضح. وأدلة الأمر بالمعروف لا تقتضي الحكومة.
وأغرب من ذلك الاستدلال عليه في المسالك بوقوعه في زمن الصحابة ولم ينكر أحد منهم ذلك، مع أن من المعلوم عندنا انقلاب الأمر بعد موت النبي (صلى الله عليه وآله) حتى صار المنكر المعروف والباطل المألوف.
وبذلك ظهر لك أن ما ذكره العامة من مشروعية قاضي التحكيم فضلا عما ذكروه من الفروع التي سمعتها يشكل انطباقه على أصولنا وإن ذكرها الأصحاب الذين هم أدرى منا بكيفية تطبيق ذلك.
نعم في خبر أحمد بن الفضل الكناسي (3) المروي عن الكشي قال:
" قال أبو عبد الله (عليه السلام): أي شئ بلغني عنكم؟ قلت: ما هو؟ قال: بلغني أنكم أقعدتم قاضيا بالكناسة، قال: قلت: نعم جعلت فداك، رجل يقال له عروة القتاب، وهو رجل له حظ من عقل نجتمع عنده فنتكلم ونتسأل ثم يرد ذلك إليكم، قال: لا بأس "