كأن يقول: الناس كلهم أحرار إلا من أقر على نفسه بالرق وهو مدرك ومن أقام بينة على من ادعى من بعد أو أمة فإنه يدفع إليه ويكون رقا، قلت فما ترى أنت؟ قال: أرى أن يسأل الذي ادعى أنها مملوكة له بينة على ما ادعى، فإن أحضر شهودا يشهدون أنها مملوكة لا يعلمون أنه باع ولا وهب دفعت الجارية إليه حتى تقيم المرأة من يشهد لها أن الجارية ابنتها حرة مثلها فلتدفع إليها وتخرج من يد الرجل، فقلت: فإن لم يقم الرجل شهودا أنها مملوكة له، قال: تخرج من يده، فإن أقامت المرأة البينة على أنها ابنتها دفعت إليها، وإن لم يقم الرجل البينة على ما ادعى ولم تقم المرأة البينة على ما ادعت خلى سبيل الجارية، تذهب حيث شاءت) فإنه ظاهر أو صريح بما ذكرنا.
ولعله لذا كان المحكي عن المبسوط توقف ثبوت رقية المميز على البينة كما عن الشافعية في وجه، إلا أن المعروف بين أصحابنا ما سمعت وإن كان الخبر المزبور منافيا له، وليس دعوى المرأة البينة مغيرا لموضوع المسألة، ضرورة عدم يد للمرأة، على أن قوله (عليه السلام) أخيرا:
(تخرج من يده) مشعر بكون الجارية في يده، على أن دليلهم المزبور مقتض للحكم بالرقية وإن لم يكن في يده، مع أن اليد مقتضاها الملك في معلوم المالية لا أنها تنقح المشكوك في ماليته أنه مال.
بل المراد باليد في المتن وغيره الاستيلاء العرفي نحو استيلاء الوالد على ولده لا اليد بمعنى التصرف الملكي، فإن ذلك هو معنى دعوى المسلم المالية ولا معارض له، فمتى حصل المعارض كان على حجته التي هي هنا ما عرفت من كون الناس على الحرية.
ومن هنا صرح بعضهم بعدم الفرق في الحكم المزبور بين الصغير والمجنون الكبير، بل والعاقل الساكت الذي لم يقر ولم ينكر وإن أشعرت