الدار شهرا بدينار فقال، بل بثوب، أو قال: آجرتك هذه الدار بعشرة فقال: بل تلك الدار، ونحو ذلك. أما في المتنازع فالقول المشهور من تقديم قول المستأجر هو الأصح).
قلت: قد يقال: إن المتجه التحالف إذا فرض كون مصب الدعوى منهما في تشخص العقد الذي هو سبب الشغل، إذ لا فرق في مشخصاته بين زيادة الثمن ونقصانه وبين غيرهما من المشخصات، نعم لو كانت الدعوى بينهما في طلب الزائد وإنكاره وإن صرحا بكون ذلك من ثمن الإجارة كان المؤجر حينئذ المدعي والمستأجر المنكر بخلاف الأول الذي لا يشخص الأصل أحدهما، إذ كل منهما أمر وجودي والأصل عدمه، والفرض أنه شخص واحد لا شخصان.
وفرق واضح بين ذلك وبين دعوى القرض والابراء اللذين يتصور فيهما تعدد عقد القرض والابراء، إلا أن يفرض اتفاقهما على صيغة واحدة واختلفا فيما تضمنته، فإن المتجه حينئذ التحالف، ولكن نتيجته فيها عدم ثبوت الزيادة المدعاة للمقرض ومدعي الابراء، بخلاف المقام الذي يرجع إلى أجرة المثل التي قد تخالف الزيادة المدعاة، وبذلك يمكن عود النزاع لفظيا.
واحتمال القول بأنه مدع ومنكر حتى على الفرض المزبور باعتبار موافقة دعوى النقيصة لأصل البراءة يدفعه أن ذلك الشخص ليس مقتضى أصل البراءة، كما أنه يدفع القول بأن ضابط التحالف عدم اتفاقهما على قدر متفق عليه - وهو خلاف الفرض - أن النقيصة ليست قدرا متفقا عليها في العقد الذي هو محل النزاع، ضرورة أن الخسمة فيه ليست جزء من العشرة في التقدير الآخر، وإنما يتصور ذلك فيما لو اتفقا على ذكر مقدار مخصوص في العقد واختصما في عطف أمر زائد عليه، لا في مثل المقام الذي محل النزاع فيه أن عقد الإجارة المشخص هل كان لفظ الثمن فيه