من جهد في غير كلأ ولا ماء، فهو لمن أخذه، لأنه خلاه آيسا منه ورفع يده، فصار مباحا، وليس هذا قياسا، وإنما هذا على جهة المثال، والمرجع فيه إلى الاجماع وتواتر النصوص دون القياس والاجتهاد).
قلت: لعل ذلك هو العمدة في تملك المعرض عنه، مضافا إلى السيرة في عطب المسافر ونحوه، وإلا فمن المعلوم توقف زوال الملك على سبب شرعي كتوقف حصوله، ولا دليل على ارتفاع الملك عن صاحبه بالاعراض على وجه يتملكه من أخذه كالمباح.
ومن هنا احتمل جماعة إباحة التصرف في المال المعرض عنه دون الملك، بل عن ثاني الشهيدين والمقداد الجزم بذلك، وعن بعض أنه لا يزول الملك بالاعراض إلا في الشئ اليسير كاللقمة وفي التأليف كمتاع البحر وفي الذي يملك بغاية قد حصلت كحطب المسافر.
وعن آخر اعتبار كون المعرض عنه في مهلكة ويحتاج الاستيلاء عليه إلى اجتهاد كغوص وتفتيش ونحوهما في حصول التملك به.
وربما استظهر من عبارة ابن إدريس المتقدمة اعتبار اليأس زيادة على الاعراض فيه أيضا، إلى غير ذلك من كلماتهم التي مرجعها إلى تهجس في ضبط عنوان لذلك، مع أن السيرة عليه في الجملة، وليس في النصوص - غير ما عرفت - تعرض له.
فالأولى أن يقال: ما علم إنشاء إباحة من المالك لكل من يريد أن يتملكه كنثار العرس ونحوه يملكه الآخذ بالقبض أو بالتصرف الناقل أو المتلف أو مطلق التصرف على الوجوه أو الأقوال المذكورة في المعاطاة بناء على أنها إباحة، وكذا ما جرت السيرة والطريقة على تملكه مما قام شاهد الحال بالاعراض عنه، كحطب المسافر ونحوه، أو ما كان كالمباحات الأصلية باندراس المالك كأحجار القرى الدارسة.