والظاهر أن المقصود في المقام الامتياز في الصدق والوثوق بالنقل، فلا تتأتى الدلالة على العدالة بناء على عدم دلالة " ثقة " على العدالة، ولا سيما في صوره تعقب " عين " ل " ثقة ".
وأما الاستدلال بالوجهين المتقدمين على الدلالة على العدالة، فيبتني كل من الوجهين على كون العين في المقام بمعنى الميزان.
ويندفع أولهما - بعد كثرة ذكر العين في التراجم - بالمنع من بعد كون العين في جميع التراجم بمعنى الباكية بكون جميع الأشخص المذكور في ترجمتهم العين بمعنى الباكية.
وأما الثاني: فمرجعه إلى أن العين يستعمل تأكيدا للتوثيق، ولا محيص في إفادة التشبيه من كون المشبه به هو الميزان.
لكنه يندفع: بأن إرادة الباكية لا تنافي الدلالة على الوثاقة، بل تؤكدها، ويصح التشبيه لإفادة الوثاقة.
ووجه الشبه: امتياز الثقة من بين الأمثال في الصدق، كامتياز العين الباكية بين الأعضاء.
والتشبيه بالميزان في قول الصادق (عليه السلام) لا يقتضي كون المقصود بالعين في كلام أرباب الرجال هو الميزان، بل قوله (عليه السلام): " أنت ميزان ليس فيه عين " يوهن الحمل على الميزان.
لكن الظاهر أنه ليس الغرض من التشبيه المذكور الاستناد إليه للمقصود.
هذا، وفي الصحاح: " في الميزان عين إذا لم يكن مستويا ". (1) وهو مقتضى ما صنعه في القاموس حيث عد من معاني العين الميل في الميزان. (2) وإليه يرجع قول أبي الصباح: " إن الميزان ربما كان فيه عين ".