أهل الدنيا كلاب عاوية، وسباع ضارية، يهر بعضها بعضا، يأكل عزيزها ذليلها، ويقهر كبيرها صغيرها... سلكت بهم الدنيا طريق العمى، وأخذت بأبصارهم عن منازل الهدى، فتاهوا في حيرتها، وغرقوا في نعمتها، واتخذوها ربا، ونسوا ما وراءها. (1) وروى في الكافي - في باب قلة عدد المؤمنين - بالإسناد عن كامل التمار قال:
سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: " إن الناس كلهم بهائم - ثلاثا - إلا قليل من المؤمنين ". (2) [روايات مدح الاعتزال] ثم إنه قال مولانا الصادق (عليه السلام) لحفص بن غياث:
" إن قدرت أن لا تخرج من بيتك فافعل، فإن في خروجك أن لا تغتاب ولا تحسد ولا ترائي ولا تتصنع ولا تداهن ". ثم قال: " نعم صومعة المسلم بيته، يكف فيه بصره ولسانه ونفسه وفرجه ". (3) وقد حررناه في الرسالة المعمولة في حفص بن غياث وسليمان بن داود المنقري وقاسم بن محمد.
وقد ذكر مدح الاعتزال عن الناس وذم المعاشرة معهم تصريحا أو تلويحا في أشعار كثيرة:
ففي الديوان المنسوب إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) روحي وروح العالمين له الفداء:
فطوبى لنفس أوطنت قعر دارها * مغلقة الأبواب مرخى عليها حجابها (4)