وإن قلت: إنه إن كان محمد بن سنان يرى جواز الرواية، (1) فلاوجه لإظهار كون رواياته بالوجادة قبل الموت، وإن كان يرى عدم الجواز، فلاوجه للرواية.
قلت: لعله كان يرى جواز الرواية بالوجادة، لكنه صرح (2) بكون تحمله بالوجادة من باب الاحتياط أو الاستدراك عن خلاف الظاهر - إذ الظاهر كون الرواية بالسماع - أو إيضاح الحال لكي يعلم كل من سمع عنه الرواية تكليفه، فيجري على الرواية من كان يرى جواز الرواية بالوجادة، ويتقاعد عن الرواية من كان يرى عدم الجواز.
ويمكن أن يكون رأيه جاريا على جواز الرواية بالوجادة، ثم تطرق له أن رأى عدم الجواز، فلذا صرح بابتناء رواياته على الوجادة.
وبعد ذلك أقول: سلمنا دلالة مقالة أيوب بن نوح على ضعف محمد بن سنان، لكن مدرك التضعيف معلوم في الرواية بالوجادة، فلا عبرة بالتضعيف بناء على جواز الرواية بالوجادة، بل كثيرا ما يكون التضعيفات مبنية على اجتهادات غير معتبرة، فلا عبرة بالتضعيفات، مثلا نسب ابن الوليد إلى ابن بطة التخليط في الإسناد، (3) وقال المولى التقي المجلسي:
إن تخليطه كان لفضله، وكان يعلم أن الإجازات لمجرد اتصال السند، فكان يقول فيما أجيز له من الكتب: أخبرنا فلان عن فلان، وهذا نوع من التخليط، وكان الأحسن أن يقول: أخبرنا إجازة وكان الأشهر جواز ما فعله، مع أنه كان رأيه الجواز، وكان ابن الوليد - كالبخاري من العامة - يشترط شروطا غير لازمة، وذكر مسلم بن الحجاج في أول صحيحه شروطه، واعترض بأن هذه الشروط غير لازمة، وإنما هي بدعة ابتدعها