أما الأول: (1) فلا دلالة فيه على الغلو بوجه، بل لا يناسب التخاطب مع أرباب العصمة بغير أمثال ذلك، كيف وعبد الله بن مسكان كان لا يدخل على أبي عبد الله (عليه السلام) شفقة أن لا يوفيه حق إجلاله، فكان يسمع من أصحابه. (2) وأما الثاني: فلا دلالة فيه أيضا على الغلو، إنما هو اقتباس من الآية الشريفة، نعم، لو كان الغرض منه إسناد الألوهية إلى مولانا أبي جعفر الثاني (عليه السلام)، لكان إسناد الألوهية من أعلى درجات الغلو، بل يكون فوق الغلو وخارجا عنه، لكن لم يعهد القول بإسناد الألوهية إلى غير أمير المؤمنين (عليه السلام)، إلا أنه تقدم عن الذخيرة تفسير الغلاة بالذين اعتقدوا في واحد من الأئمة أنه لا إله إلا هو. (3) وربما يتوهم أيضا الدلالة على الغلو مما رواه في الكافي في باب مولد النبي (صلى الله عليه وآله) عن الحسين بن محمد الأشعري، عن معلى بن محمد، عن أبي المفضل عبد الله بن إدريس، عن محمد بن سنان، قال:
كنت عند أبي جعفر الثاني (عليه السلام) فأجريت اختلاف الشيعة، فقال: " يا محمد! إن الله - تبارك وتعالى - لم يزل متفردا بوحدانيته، ثم خلق محمدا وعليا وفاطمة، فمكثوا ألف دهر، ثم خلق جميع الأشياء فأشهدهم خلقها، وأجرى طاعتهم عليها، وفوض أمورها إليهم، فهم يحلون ما يشاؤون ويحرمون ما يشاؤون، ولن يشاؤوا إلا أن يشاء الله تبارك وتعالى ". ثم قال: " يا محمد! هذه، الديانة التي من تقدمها مرق، ومن تخلف عنها محق، ومن لزمها لحق، خذها إليك يا محمد! ". (4) قوله (عليه السلام): " مرق " قال في المصباح: " مرق السهم من الرمية مروقا، من باب