وإلا فلو كانت الدراية بالظن فلا ترجيح له على خبر الواحد، بل يرتفع الظن من الطرفين؛ لاستحالة الظن بطرفي النقيض، فلا دراية في البين حتى تقدم على الرواية، كما أنه لو كان الرواية بالتواتر، فتقدم على الدراية إن كانت بالظن. وكذا الحال لو كانت الدراية بالعلم لكن محقق (1) التواتر وتحصل العلم منه، وأما لو لم يتحصل منه العلم مع فرض اللحوق، فلا يتحصل العلم لا بالدراية ولا بالرواية، ولا مجال لتقديم الدراية على الرواية ولا العكس.
وأما لو سبق التواتر فلا مجال للدراية بالعلم، بل لابد من العمل بالرواية المتواترة لو لم يتحصل، وهي في العلم المتحصل بالتواتر، وإلا فيتحصل الشك، ولا ترجيح للدراية على الرواية ولا العكس. نعم، يمكن فرض انقلاب العلم بحصول العلم من جانب الدراية، فلابد من العمل بها.
وعلى أي حال مورد القضية المشار إليها إنما هو صورة تعارض الدراية والرواية كما في باب الغار والغدير.
وأما الحرب والتوبة فليس الأمر هنا من باب تعارض الدراية والرواية؛ إذ الدراية في الحدوث والرواية في الزوال، ولا تعارض في البين؛ بل مرجع الأمر هنا في ترك العمل بالرواية إلى العمل بالاستصحاب، ولا ترجيح للاستصحاب على الرواية بعد اعتبارها لو لم يكن الأمر بالعكس.
وأما خبر الغدير والخلافة فتواتر الخبر يمانع عن الدراية منعا عن الحصول لو تقدم التواتر ومنعا عن البقاء لو تأخر.
وأما دعوى قوة الدراية بإفادة العلم بعد المنع فأمر خارج عن تعارض الدراية والرواية.
وبالجملة، نعود إلى المقصود ونقول: إن الشيخ في كلامه الأول قد جرى بنفسه على ضعف حال محمد بن سنان، فليس الأمر في ذلك من باب الرواية