وأما دلالة كون الراوي صاحب الأصل على المدح أو الوثاقة أو عدمها، فقد حررنا الكلام فيه في بعض الفوائد المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة في أن معاوية بن شريح ومعاوية بن ميسرة متحدان أو مختلفان؟
[المدار في المدح] ثانيها: أن المدار في المدح على اعتقاد المترجم، أو اعتقاد المجتهد؟
أقول: إنه لا إشكال في عدم اعتبار الخبر لو لم يتأت المدح باعتقاد المجتهد، ولم يكن ما ذكر إفادة للمدح موجبا للظن بالصدق كالصدق، كما اتفق في حق بعض الرواة، كما حررناه في بعض الفوائد المرسومة في ذيل الرسالة المعمولة في رواية الكليني عن أبي داود لو قلنا بخلو الصدق عن القبح دون اشتماله على الحسن، فيتأتى اعتبار الخبر ولو لم يكن من باب الحسن، لكن حينئذ يزيد قسم آخر في أقسام الخبر.
إلا أن يقال: إن الصدق بنفسه وإن لم يشتمل على الحسن، لكن توصيف الرجل بأنه صادق يكون المقصود به المداومة على التحرز من القبيح، أي الكذب، وهي من باب الحسن، كما يرشد إليه توصيف الله سبحانه إبراهيم وإدريس على نبينا وآله وعليهما السلام ب " الصديق " (1) بل لا إشكال في أن المداومة على التجنب عن القبيح من باب الحسن.
كيف! ولا تتيسر المداومة إلا بزيادة حسن الفطرة ونقاء الباطن أو زيادة المجاهدة.
هذا بناء على كون " الصديق " بمعنى كثير الصدق، لكنه قد يفسر بكثير التصديق للحق من غيوب الله تعالى وآياته وكتبه ورسله. (2)