أقول: إن الكلام الأول موهون بأنه لو كان محمد بن سنان من الكذابين المشهورين، لما أقدم جماعة من العدول والثقات والأعاظم على الرواية عنه بلا مرية من ذي مسكة، وقد سمعت أن الكشي حكى رواية جماعة من العدول والثقات عنه، والعلامة البهبهاني حكى أيضا إكثار جماعة من الأعاظم في الرواية عنه، (1) كيف وأحمد بن محمد بن عيسى حاله مشهور في باب الرواية عن الضعفاء وهو يروي عن محمد بن سنان كما يظهر مما مر من كلام العلامة البهبهاني، فلو كان محمد بن سنان من الكذابين المشهورين، كيف يجوز العقل إقدام أحمد بن محمد بن عيسى على الرواية عنه.
وربما قيل: فإذا رأيناهم يروون عنه ويأخذون منه من غير مبالاة بقول الفضل بن شاذان مع امتناعهم الشديد وإبائهم الأكيد عن الرواية عن الضعفاء يحصل لنا القطع بأن ما قاله الفضل ليس على ظاهره، يعني ضعف حال محمد بن سنان، بل الأمر مبني على جهة أخرى كالتقية عن معاندة المعتقدين لضعف حال محمد بن سنان باعتقادهم، مضافا إلى منافاته مع توثيقه من جماعة كما مر، فضلا عن منافاة ذلك مع الإذن في الرواية عنه بعد الوفاة في الكلام الأخير؛ إذ الشخص المشهور بكونه كذابا كيف يختلف حال الرواية عنه منعا وجوازا بحسب الحياة والموت، ومع جميع ذلك روايات محمد بن سنان مقبولة مفتى بها متلقاة بالقبول على ما قيل، ومقبولة وسديدة على ما ذكره العلامة البهبهاني، (2) فكيف يكون محمد بن سنان من الكذابين المشهورين؟!
وربما يقال: إنه يمكن أن يكون المقصود بمحمد بن سنان المدعى كونه من الكذابين المشهورين هو محمد بن سنان [بن] طريف الهاشمي؛ حيث إنه عنونه