وأيضا مراسيل ابن أبي عمير لا تخرج عن الإرسال بأن كانت في متن الواقع مسانيد معتبرة مدونة في الكتب؛ لأن الخبر المسند لو روي على طريق الإرسال مرة أخرى، لا يخرج عن الإرسال في المرة الأخرى، فإخراج مراسيل ابن أبي عمير عن الإرسال حقيقة لاوجه له.
وأيضا ما حكاه عن جماعة متوهمين من أن إجراء حكم المسانيد على مراسيل ابن أبي عمير من جهة جلالة قدره بين الفساد؛ العدم دلالة عدالة الراوي على عدالة المروي عنه كما حررناه في محله، وإن يظهر من الذخيرة عند الكلام في نية الصوم عدم رواية العدل عن غير العدل، وقال عند الكلام في نسيان تعيين الصلاة الواحدة الفائتة: رواية الثقات عن الضعفاء ليس إلا قليلا، كما أشرنا إليه مرارا. (1) واختار القول بدلالة رواية العدل على عدالة المروي عنه السيد الداماد، بل ادعى هو الاتفاق على ذلك. (2) ثم إنه روى في الفقيه - في أواخر باب الدين - عن إبراهيم بن هاشم:
أن محمد بن أبي عمير كان رجلا بزازا فذهب ماله وافتقر، وكان له على رجل عشرة آلاف درهم، فباع دارا له - كان يسكنها - بعشرة آلاف درهم وحمل المال إلى بابه، فخرج إليه محمد بن أبي عمير فقال: ما هذا؟
فقال: هذا مالك الذي لك علي، قال: ورثته؟ قال: لا، قال: وهب لك؟
قال: لا، قال: هو ثمن ضيعة بعتها؟ قال: لا، قال: فما هو؟ قال: بعت داري التي أسكنها لأقضي ديني، فقال محمد بن أبي عمير: حدثني ذريح المحاربي عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: " لا يخرج الرجل من مسقط رأسه بالدين " ارفعها فلا حاجة لي فيها، والله إني لمحتاج في وقتي هذا