ويمكن أن يكون قوله المشار إليه في ذلك من باب التجوز.
وتقريب دلالته على المدح أنه يستفاد منه كمال إنصافه واحتياطه في الدين؛ حيث إنه - مع كونه مدعيا للقابلية للرجوع إليه في المشكلات - أنكر الرجوع إليه في المسائل الشرعية، وهذا أمر نادر الوقوع في أفراد الإنسان؛ حيث إن الغالب فيهم بأصنافهم ادعاء الدرجات العالية من الكمال المناسب لحالهم، كيف وقد شاع وذاع في عموم الأعصار التصرف في الأمور الشرعية من المرافعات وغيرها من أرباب صورة العلم مع عدم القابلية.
ثانيها: ما رواه الكشي أيضا في ترجمة محمد بن سنان عن حمدويه، عن الحسن بن موسى، قال:
حدثني محمد بن سنان، قال: دخلت على أبي الحسن موسى (عليه السلام) قبل أن يحمل إلى العراق بسنة وعلي ابنه بين يديه، فقال لي: " يا محمد! " قلت:
لبيك، قال: " إنه سيكون في هذه السنة حركة ولا تجزع (1) منها " ثم أطرق ونكت الأرض بيده، ثم رفع رأسه إلي وهو يقول: (ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء) (2) قال، قلت: وما ذلك جعلت فداك؟ قال: " من ظلم ابني هذا حقه، وجحد إمامته من بعدي، كان كمن ظلم علي بن أبي طالب (عليه السلام) حقه وإمامته من بعد محمد (صلى الله عليه وآله) " فعلمت: أنه قد نعى إلي نفسه، ودل على ابنه، فقلت: والله لئن مد الله في عمري، لأسلمن إليه حقه ولأقرن به الإمامة، أشهد أنه من بعدك حجة الله على خلقه والداعي إلى دينه، فقال لي: " يا محمد! يمد الله في عمرك، وتدعو إلى إمامته وإمامة من يقوم مقامه من بعده " فقلت: ومن ذلك جعلت فداك؟ قال: " محمد ابنه " قلت: الرضا والتسليم، فقال: " كذلك قد