أخرى، لا أن معرفة بعض المبادئ توجب اشتداد القدرة الحاصلة بسبب مباد آخر، والأقوائية كما تكون بالشدة والضعف، كذلك بالزيادة والنقص، فان التشكيك غير الاشتداد، وما يختص بالشدة والضعف هو الاشتداد الذي هو الحركة من حد إلى حد.
وعليه فليس التجزئ منافيا لبساطة الملكة، بتوهم أن البسيط لا يتجزئ ولا يتبعض، فان كل قدرة بسيطة وزيادتها توجب تعدد البسط، لا تبعض البسيط.
ويمكن أن يقال أن النفس بالإضافة إلى معقولاتها كالمادة بالنسبة إلى الصورة.
فالنفس - بحسب الفطرة الإلهية عقل هيولاني، وصيرورتها عقلا بالفعل بمعدات لذلك، فعدم التعقل بالفعل لا لعدم قابلية النفس، بل لعدم السبب أو المعد.
كما أن القوة البدنية المنبثة في العضلات قوة على كل ما يناسب تلك العضلة من قبض وبسط، ومعرفة الكتابة والخياطة لا توجب شدة قوة اليد ولا زيادتها، بل معدة لتأثير السبب وصيرورة ما بالقوة فعليا، فكذا معرفة العلوم النظرية معدة لفعلية الاستنباط وصيرورة العقل الهيولاني - بالإضافة إلى الأحكام الشرعية - عقلا بالفعل، لا أنها تحدث في النفس قوة على معرفة تلك الأحكام، أو اشتداد قوتها أو زيادتها، فليس ما وراء النفس - التي هي عقل هيولاني بحسب فطرتها - ملكة أخرى ليقال أنها بسيطة وأن البسيط لا يتجزئ أو انها مسبوقة بالضعف أو النقص لئلا يلزم الطفرة، وهذا طور آخر من الكلام وبالله الاعتصام.
قوله: الا أن قضية أدلة المدار... الخ.
فإنه الذي جاءه النبأ، أو تيقن فشك أو جاءه الحديثان المتعارضان، والمفروض قدرته على الأخذ به ودفع معارضاته.
وعدم قدرة على امر آخر أجنبي عن معرفة هذه الأحكام، غير ضائر بفعلية الاستنباط في مفروض المقام، فلا موجب لاختصاصه بالمطلق القادر على استنباط بقية الأحكام مع غرض عدم الارتباط بينهما كما لا يخفى.