موضوعه فعليا في حق المجتهد، وإن لم يكن له مساس عملا به بمقلده فلا معنى لفعلية الحكم بالإضافة إلى المجتهد إذ ليس له تصديق عملي ولا نقض عملي.
بل المجتهد بأدلة جواز الافتاء والتقليد نائب عن المقلد الذي للحكم مساس به عملا، فالنبأ الذي له مساس بالمقلد يكون وروده على المجتهد بمنزلة وروده على المقلد وهكذا، ويكون فتوى من جاءه النبأ متمما لفعلية الحكم في حق المقلد، فالمجتهد وإن كان من حيث أنه جاءه النبأ محكوما بالتصديق الا أنه محكوم به عنوانا والمقلد محكوم به لبا، وهكذا يكون المجتهد مكلفا بإبقاء اليقين عنوانا والمقلد مكلفا به لبا. هذا بناء على جعل الحكم المماثل.
وأما بناء على تنجيز الواقع فنقول: إن قيام المنجز عند المجتهد بأدلة جواز التقليد بمنزلة قيامه عند المقلد، فالفتوى متمم لمنجزية الخبر مثلا للواقع على المقلد.
ومنه يعرف حال الحجة العقلية والأصول العقلية التي ليس شأنها الا المنجزية أو المعذرية، فان المقلد العامي حيث أن لا خبرة له بحقائقها ومجاريها وموارد تطبيقها على مصاديقها، وإمكان تصرف الشارع في مواردها نفيا وإثباتا فلذا أنيط كل ذلك بنظر المجتهد بأدلة جواز التقليد في كل حكم كلي واقعي أو ظاهري.
واما فرض استقلال عقل العامي بخلاف ما استقل به عقل المجتهد فهو كفرض قطع العامي بالحكم على خلاف قطع المجتهد به، فإنه وان كان المتبع عقله وقطعه، الا أنه أجنبي عما نحن فيه من لزوم التقليد في ما لا طريق للمقلد إليه.
نعم يمكن الخدشة في قصور دليل التقليد - كالمقبولة (1) - عن شموله لمعرفة الحكم بالمعنى الأعم من قيام الحجة الشرعية والعقلية، نظرا إلى أنها غير منبعثة عن رواياتهم.