ومن البين أنه لم يفرض في هذه الموارد خبر، فضلا عن التعارض، فيعلم منها طرح الموافق وإن كان وحده.
ومورد الترجيح ما إذا كان الخبر بحيث لو لم يكن له معارض لكان حجة.
والتحقيق: أن رواية عبيد بن زرارة، موردها ما يكون الصادر عن الإمام عليه السلام موافقا لما تفرد به العامة، وما اتخذوه طريقة لهم، فيكون نظير رواية نضر الخشعمي قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول عليه السلام: من عرف أنا لا نقول إلا حقا فليكتف بما يعلم منا، فان سمع منا خلاف ما يعلم فليعلم أن ذلك دفاع منا عنه (1).
ومن الواضح: أن مورد الأولى كالثانية فرض فيهما تفرد العامة بشئ، وأن ما عند الخاصة غيره، وفي مثله لا ريب في عدم حجية الخبر الموافق.
وأما رواية الأرجاني، فلا تعرض فيها لصورة التعارض وغيرها، فلا تأبى عن الحمل على ما يساوق المقبولة الظاهرة في الترجيح، بتقريب:
إن العامة وان كانوا يشتركون مع الخاصة أحيانا، الا أنهم غالبا على الضد منهم، فكونهم كذلك أمارة غالبية تعبدية على أن ما هم عليه خلاف الواقع. ففي ما إذا كان هناك خبران متساويان في أصل الحجية - صدورا وظهورا وجهة - يكون الموافق منهما مشتملا على ما يوجب ضعف الملاك، والمخالف مشتملا على ما يوجب قوته، وهذا مورد الترجيح.
بخلاف ما إذا أزال أصل الملاك، من الموافق، أو كانت الامارة الغالبية التعبدية بحيث تسقطه عن الحجية، ولو كان وحده، فإنه أجنبي عن مورد الترجيح.
وقد عرفت انه لا دليل على سقوط الخبر - بمجرد الموافقة عن الحجية فتدبر جيدا.
قوله: لا يكاد يكون الا بالترجيح... الخ.
المراد به في قبال التخيير، فان التخيير وإيكال الامر إلى المترافعين،