عملا في باب الاستصحاب، أو كان فعلا توليديا من العمل، فان العمل ما به يظهر صدق المخبر، لا أنه إظهار صدقه، كما هو الحق.
وعليه فالتصديق العملي - ولو عنوانا - لا يتقوم ولا يلازم عدم احتمال الخلاف، حتى يكون التعبد بالتصديق تعبدا بعدم احتمال الخلاف، ليؤول إلى التعبد بعدم حكمه، بل لازمه عدم إظهار كذبه عملا وأين ذلك من الغاء احتمال خلافه بالغاء حكمه؟ فتدبر.
وأما رابعا: فبأنا سلمان أن المراد هو التصديق جنانا - بعنوان الكتابة - إلا أن عنوان الدليل ليس نفي احتمال الخلاف، حتى يكون من باب نفي الحكم بنفي موضوعه، بل الأمر باعتقاد صدقه عنوانا يستتبع النهي عن احتمال خلافه، وكما أن الأمر بالتصديق الجناني كناية عن لازمه، وهو العمل، كذلك النهي عن احتمال خلافه عنانا كناية عن لازمه وهو الترك، نظرا إلى أن المعتقد يعمل، وأن من لا يعتقد لا يعمل.
ولا معنى للأمر بالغاء حكم الاحتمال، لا عنوانا ولا لبا، بل المعقول نفي حكم الاحتمال لبا بنفي الاحتمال عنوانا، وليس ذلك لازم الأمر بالتصديق ولو جنانا.
وأما خامسا، فلأن كل ذلك إذا كان عنوان دليل الاعتبار هو التصديق، لا سائر العناوين التي لا مساس لها باحتمال الخلاف مفهوما كعنوان (إسمع له وأطعه) وأشباه ذلك.
نعم التحقيق: أن الحكومة الموجبة لتقديم الحاكم على المحكوم، وإن كانت لبا تخصيصا لا تدور مدار الشرح والتفسير، ولو بعنوان إلغاء احتمال الخلاف وحكمه فضلا عن أن يكون بمنزلة (أعني) وأشباهه، بل إذا كان لسان الحاكم اثبات الموضوع أو نفيه، كفى في التقديم، وذلك لأن المحكوم غير متكفل الا لاثبات الحكم الموضوع، لا أنه متكفل لاثبات موضوعه، فلا ينافي - بوجه - ما دل على نفي الموضوع أو اثباته، كما في " لا شك لكثير الشك " بالإضافة إلى أدلة الشكوك.