وحينئذ إذا فرض كون مفاد دليل الاعتبار تنزيل الظن - أو ما يفيده - منزلة العمل، كان إثباتا للغاية الرافعة لحكم الأصل، فهو رفع الحكم شرعا لبا بلسان تحقق الغاية.
وكذا إذا فرض كون مفاده نفي الشك والجهل، فهو رفع الحكم الثابت له بدليل الأصل، بعنوان رفع موضوعه شرعا، وحيث أنه دلالة لفظية، لا منافي لها بعنوانها كان صالحا لأن يتصرف بها في عنوان الدليل ابتداء نفي الحكم في قبال إثباته، أو اثباته في قبال نفيه، فإنه تخصيص أو تقييد محض، فيراعي فيه ما يجب رعايته فيهما.
إنما الكلام في مساعدة دليل اعتبار الأمارة على مثل هذا النفي.
وربما يتخيل: أن قوله عليه السلام (لا عذر لأحد من موالينا في التشكيك فيما يرويه عنا ثقاتنا) (1) الخبر، دليل على إلغاء الشك، بالغاء حكمه عند رواية الثقة.
ويندفع: بأن المراد من التشكيك ليس هو التشكيك لسانا، ولا التشكيك جنانا، بل المراد هو التشكيك عملا فمفاده عدم العذر في إظهار الشك عملا، بترك ما روى الثقة أنه واجب أو بفعل ما روى أنه حرام، وأين ذلك من نفي الشك لنفي حكمه؟
وبالجملة ليس لسان الخبر نفي العذر في الشك فضلا عن نفي الشك مريدا به نفي كون عذرا، ليكون من باب نفي الحكم بنفي موضوعه، بل المراد النهي عن إظهار الشك بعمله أو مجرد عدم المعذورية، لمكان منجزية الأمارة.
وأوضح منه - فسادا - توهم دلالة قوله عليه السلام (نعم) بعد سؤال الراوي (فلان ثقة آخذ منه معالم ديني) (2) نظرا إلى أنه بمعنى: خذ، فيكون دالا على أن تناول الواقع من الراوي "، ووصوله منه عبارة أخرى عن إلغاء الشك، وعدم