أما انحطاط نفسه المقدسة عن هذه الدرجة، أو زوالها بالموت، أو بمجئ نبي لاحق.
والكل غير معقول، لان هذه الملكة ليست كسائر الملكات التي لها درجة التخلق، بل لها درجة التحقق.
والمعرفة الشهودية، وما ينبعث عنها، لا زوال لها خصوصا بالموت، فإنه لا يزيل سائر الملكات الراسخة فضلا عن هذه الملكة الشامخة، كيف والدنيا مزرعة الآخرة، والمعرفة بذر المشاهدة، فكيف يعقل زوالها بالموت، وصيرورة النفوس العالية بالملكات السامية، كالنفوس العامية بالموت الذي لو لم يوجب قوة المشاهدة لم يوجب ضعفها.
وأما زوالها بمجئ نبي لاحق - ولو كان أكمل - فبديهي الفساد، إذ كمال شخص أو زيادته لا يوجب زوال كما شخص آخر أو نقضه، وعليه فلا شك في بقاء النبوة بهذا المعنى حتى يستصحب.
ثم على فرض الشك في بقائها، فالأثر المهم، تارة - وجوب الاعتقاد بنبوته، وأخرى - وجوب تصديقه فيما أتى به وثالثة - بقاء شريعته.
ومن الواضع عدم ترتب ما عدا الأول، فان التعبد بنبوته فعلا تعبد بوجوب الاعتقاد بها فعلا.
وأما تصديقه فان كان فيما أتى به، فهو من آثار نبوته في حال حياته، لامن آثار بقاء نبوته بعد موته.
وإن كان فيما يأتي به، فهو في فرض موته غير معقول.
ومنه تبين حال لزوم اطاعته في أوامره، ونواهيه، فإنه لا موضوع له بعد موته.
وأما بقاء شريعته، فإنه ليس من آثار بقاء نبوته، فإنه لا تزول شريعة نبي بموته بل ولا بمجئ نبي لاحق، بل بمجئ نبي صاحب شريعة، فليس بقاء شريعته من آثار بقاء نبوته، كي يترتب على استصحاب نبوته.
وإن كانت النبوة من المناصب المجعولة، بمعنى أن موضوع الاعتقاد هذا