القطع (1) مجملا، وفي مبحث دليل الانسداد (2) مفصلا.
وقد ذكرنا مرارا: أن العناوين المحكومة بالحسن والقبح بمعنى كون الفعل ممدوحا أو مذموما: تارة ذاتية وأخرى عرضية منتهية إلى الذاتية.
والمراد بالثانية: ما كان - من حيث اندراجه تحت العنوان المحكوم بذاته ممدوحا أو مذموما وهي على قسمين:
تارة تكون مندرجة تحت العناوين الذاتية، لو خليت ونفسها - كالصدق والكذب - وإن أمكن مع انحفاظ عنوانه أن يكون محكوما بحكم اخر بعروض عنوان الظلم إذا كان الصدق مهلكا للمؤمن، أو بعروض عنوان الاحسان إذا كان الكذب منجيا له. و (أخرى) لا تكون مندرجة تحت العناوين الذاتية لو خليت وطبعها كسائر العناوين العرضية المحضة - من المشئ إلى السوق ونحوها - فالمراد من الحكم العقلي هو الحكم العقلائي - بمدح فاعل الافعال، وذم فاعل بعضها الاخر، لما فيه من المصلحة الموجبة لانحفاظ النظام، أو المفسدة العامة الموجبة لاختلال النظام وفساد النوع، وهي الموجبة لبناء العقلاء على المدح والذم، فإنه أول موجبات حفظ النظام وموانع اختلاله.
ومبنى الملازمة: إن الشارع من العقلاء، بل رئيسهم، وواهب العقل لهم، وهو منزه عن الاقتراحات لغير العقلائية، والاغراض النفسانية.
فهو أيضا - بما هو عاقل - يحكم بالمدح والذم، ومدحه ثوابه، وذمه عقابه، كما عرفت تفصيل القول فيه في مبحث الانسداد (3) وحيث أن المدح والذم من صفات الأفعال الاختيارية، لاستحالة تعلقها بغير الاختياري، فلابد من أن يصدر العنوان الممدوح، أو المذموم - بما هو - عن قصد وعمده، لا ذات المعنون فقط.