إما اليقين السابق لوثاقته واقتضائه عدم رفع اليد عنه الا بيقين مثله، فهو الباعث للعقلاء على إبقائهم عملا.
وإما الظن اللاحق بالبقاء وإما مجرد الكون السابق، اهتماما بالمقتضيات وتحفظا على الاغراض الواقعية، فالوجود السابق لهذه الخصوصية حجة على الوجود الظاهري في اللاحق، لا من حيث وثاقة اليقين ولا من حيث رعاية الظن بالبقاء واليه يرجع التعبد العقلائي - كما سيأتي إن شاء الله تعالى. وبناء على حكم العقل، فالموصوف بالحجية هو الظن بالقاء، ويندفع محذور الجامع، ومحذور التوصيف بالحجية أما الأول - فبأن المراد هو الابقاء العملي، والنزاع في أن المستند للابقاء العملي، هل هو أمر مأخوذ من الشارع؟ أو من العقلاء؟ أو من العقل؟ لا أن نفس الاستصحاب مأخوذ من أحدهم لان لا يكون له جامع وأما الثاني - فبأن حجية اليقين السابق على الحكم في اللاحق، حيث أنها مستكشفة من ثبوت الابقاء العملي تشريعا - حيث أن الشارع أمر بابقاء اليقين.
الذي عرفت أن مرجعه إلى إبقاء الكاشف أو المنجز - فالتعبير عن حجية المنكشف بحجية الكاشف صحيح، معمول به عندهم وكذا بناء العقلاء - عملا - على الابقاء، فإنه كاشف عن بنائهم على حجية اليقين السابق، أو الظن اللاحق، أو الكون السابق ثم إن المراد من (إبقاء ما كان) إن كان الابقاء المنسوب إلى الشارع، فلا دلالة في العبارة على جعل الحكم الظاهري الاستصحابي، فإنه لو أبقى الشارع حكمه الموجود سابقا في الزمان اللحق - بعلته المقتضية لحكم مستمر، أو بعلة أخرى مقتضية لاستمراره - لصدق عليه إبقاء ما كان، مع أنه حكم واقعي لا ظاهري، وإبقاؤه لعلة كونه في السابق، وإن اقتضى كون الحكم في الزمان الثاني ظاهريا، لان الحكم الواقعي لا يكون وجوده في زمان واسطة في القبول لوجوده في زمان