وفي الحديث (قلت: يا رسول الله ما حق الله على عباده؟ قال: أن لا يشركوا به شيئا ويعبدوه ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة).
وفي الخبر المروي في الكافي ومحاسن البرقي عن أبي عبد الله عليه السلام القسم لحقوق الله على الجوارح الظاهرة والباطنة ما يدل على ما هو أعم من ذلك.
وقد يراد به القرآن كقوله تعالى (وأنه لحق اليقين) (1). وقد يراد به الله تعالى الحق كغيره من الصفات الراجعة إلى ذاته من غير اعتبار زيادة. فإذا قال الانسان: وحق الله لأفعلن لم تنعقد اليمين لاشتراكه بين أمور كثيرة لا ينعقد بها اليمين، سواء قصد تلك الأفراد أو أطلق، لأن المتبادر من حقه غيره.
واحتج الشيخ وتلك الجماعة القائلون بمقالته على الانعقاد بأنها يمين عرفا وبأغلبية استعمالها في المعنى الأخير، ولأن (حق) صفة عامة، فإذا أضيف إلى الله تعالى اختص به فكان يمينا كسائر صفات ذاته من العظمة والعزة وغيرها، ولا إشكال في عدم الانعقاد لو قصد به أحد المعنيين الأوليين.
والذي يؤيد القول بالانعقاد عند الاطلاق خبر أبي جرير القمي (2) المتقدم حيث قال فيه: قلت: لأبي الحسن عليه السلام قد عرفت انقطاعي إلى أبيك ثم إليك ثم حلفت له وحق رسول الله صلى الله عليه وآله وحق فلان وفلان حتى انتهيت إليه أنه لا يخرج ما تخبرني به أحد من الناس، وسألته عن أبيه أحي هو أم ميت؟ قال:
قد والله مات، إلى أن قال: فقلت: فأنت الإمام؟ قال: نعم ".
ألا ترى كيف أبر قسمه ولم يأت بحق الله وإنما حلف بحق رسوله وبحق آبائه إلى أن انتهى الأمر إليه. ففيه تأييد لهذا المذهب المنسوب للشيخ ولابن الجنيد حيث ذهب إلى انعقاده بما عظم الله من الحقوق كقوله: وحق رسول الله وحق القرآن.