نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يعطى جلالها وجلودها وقلائدها الجزارين وامر ان يتصدق بها وشمول الخبر لمحل البحث غير واضح بل المتبادر منه غيره وكذا ما رواه الكليني عن حفص بن البختري في الحسن بإبراهيم عن أبي عبد الله (ع) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يعطى الجزار من جلود الهدى وجلالها شيئا وقال الكليني وفى رواية معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال ينتفع بجلد الأضحية وتشترى به المتاع وان تصدق به فهو أفضل وقال نحر رسول الله صلى الله عليه وآله بدنة ولم يعط الجزارين جلودها ولا قلائدها ولاجلالها ولكن تصدق به ولا تعط السلاخ منها شيئا ولكن اعطه من غير ذلك واما ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار في الموثق عن أبي إبراهيم (ع) قال سألته عن الهدى أيخرج بشئ منه من الحرم قال بالجلد والسنام والشئ ينتفع به قلت إنه بلغنا عن أبيك أنه قال لا يخرج من الهدى المضمون شيئا قال بل يخرج بالشئ ينتفع به وزاد فيه احمد ولا يخرج بشئ من اللحم في الحرم فحملها (المص) على من تصدق بثمنها بما رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن جلود الأضاحي هل يصلح لمن ضحى بها ان يجعلها جرابا قال لا يصلح ان يجعلها جرابا الا ان يتصدق بثمنها وفيه تأمل و (الظ) ان المراد من منع اعطاء الجزار منع ما كان على وجه الأجرة لأمنع اعطائها صدقة إذا كان من أهلها ولا يأكل منها فيضمن المأكول يتصدق بثمنه ويستثنى من هذه الكلية هدى المتمتع فان الاكل منه مستحب أو واجب ولا يستثني هدى المتبرع بها فإنه غير واجب وان تعين ذبحه بالسياق ولا اعلم في هذا الحكم خلافا بين الأصحاب ونسبه (المص) في المنتهى وكره إلى علمائنا أجمع ويدل عليه روايات منها ما رواه الكليني والشيخ عنه عن الحلبي في الحسن بإبراهيم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن فداء الصيد يأكل منه من لحمه فقال يأكل من أضحيته ويتصدق بالفداء وما رواه الشيخ عن عبد الرحمن في الموثق على الظاهر عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الهدى ما يأكل منه أشئ يهديه في المتعة أو غير ذلك قال كل هدى من نقصان الحج فلا يأكل منه ولكل هدى من تمام الحج فكل وما رواه الكليني والشيخ عنه عن أبي بصير في القوى قال سألته عن رجل اهدى هديا فانكسر قال إن كان مضمونا والمضمون ما كان في يمين يعنى نذر أو جزاء فعليه فداؤه قلت أيأكل منه قال لا انما هو للمساكين وان لم يكن مضمونا فليس عليه بشئ قلت يأكل منه قال تأكل منه وفى الكافي وروى (ايض) انه يأكل منه مضمونا كان أو غير مضمون وقال الصدوق في من لا يحضره الفقيه وفى رواية حماد بن حريز في حديث يقول في اخره ان الهدى المضمون لا يأكل منه إذا عطب فان اكل منه غرم ويعارض هذه الروايات ما رواه الشيخ عن عبد الله بن يحيى الكاهلي في الحسن عن أبي عبد الله (ع) قال يؤكل من الهدى كله مضمونا كان أو غير مضمون وعن جعفر بن بشير في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) وهو مجهول قال سألت أبا عبد الله (ع) عن البدن التي تكون جزاء للايمان والنساء ولغيره يؤكل منها قال نعم يؤكل من البدن وفى بعض نسخ التهذيب عن أبي عبد الله (ع) قال سألت أبا عبد الله (ع) ولهذا زعمه بعض المتأخرين صحيحا وكانه سهو لان جعفر بن بشير لا يروى عن الصادق (ع) بغير واسطة وأجاب الشيخ عنهما بالحمل على حال الضرورة محتجا عليه بما رواه عن السكوني عن جعفر عن أبيه قال إذا اكل الرجل من الهدى تطوعا فلا شئ عليه وإن كان واجبا فعليه قيمة ما اكل وهو حمل بعيد ولا يبعد تأويل حسنة الكاهلي بحمل المضمون فيه على هدى المتمتع وروى الشيخ عن عبد الملك القمي في الضعيف عن أبي عبد الله (ع) قال يؤكل من كل هدى نذرا كان أو جزاء قال الشيخ انما يجوز ان يأكل من الهدى الواجب إذا تصدق بثمنه واما ما رواه الشيخ عن معوية بن عمار في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل اهدى هديا فانكسر فقال إن كانت مضمونة فعليه مكانها والمضمون ما كان نذرا أو جزاء أو يمينا وله ان يأكل منها فإن لم يكن مضمونا فليس عليه بشئ فحملها الشيخ على أن المراد جواز الأكل منه إذا كان تطوعا واستدل عليه بما رواه عن معوية بن عمار في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الهدى إذا عطب قبل ان يبلغ النحر أيجزى عن صاحبه فقال إذا كان تطوعا فلينحره وليأكل منه وقد أجزء عنه بلغ المنحر أو لم يبلغ وليس عليه فداء وإن كان مضمونا فليس عليه ان يأكل منه بلغ المنحر أو لم يبلغ وعليه مكانه وهذا الحمل غير مستقيم لان فرض التطوع مذكور في اخر الحديث والكلام الأول سابق عليه مرتبط بما فرض فيه الوجوب فكيف يحمل عليه التطوع والاستدلال الذي ذكره (ايض) غير مستقيم لان المستفاد من الخبر ان المضمون لا يرجح اكله لا انه لا يجوز اكله نعم لو كانت العبارة فليس له ان يأكل كان الخبر دالا على مدعاه ويمكن تأويل صحيحة معوية بان يقال إنها محمولة على هدى لم يكن واجبا معينا ولو بالاشعار فإنه بالتعيب يجب ابداله كما هو صريح في صدر الخبر و (ح) له التصرف فيه بالبيع كما يستفاد من بعض الأخبار الصحيحة فيجوز الاكل منه على هذا التقدير وهذه المسألة محل اشكال ولولا دعويهم الاجماع على الحكم المذكور اتجه القول بالكراهة فان حمل اخبار المنع على الكراهة واخبار الرخصة على الجواز المطلق حمل قريب ومما يؤيد جواز الأكل في الجملة ما رواه الكليني عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله باسنادين أحدهما لا يقصر عن الموثقات قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الهدى ما يأكل منه الذي يهديه في متعة وغير ذلك قال كما يأكل في هديه ورواه الشيخ عن الكليني باختلال في الاسناد {ويستحب قسمة هدى السياق كالتمتع} أثلاثا فيأكل من ثلثة ويهدى ثلثه ويتصدق بثلاثة ولعل مسنده موثقة شعيب العقرقوفي السابقة عند شرح قول (المص) وقسمته أثلاثا والمراد بهدى السياق المتبرع به دون الواجب في كفارة أو نذر إذا ساقه فقد سبق من (المص) عدم جواز اكله وقد سبق الكلام في تحقيقه ويستحب الأضحية والأضحية بضم الهمزة وكسرها وتشديد الياء المفتوحة فيهما ما يضحى به سميت بذلك لذبحها في الضحية اوفى الضحى غالبا {والأضحية مستحبة} عند علمائنا وأكثر العامة ونقل بعضهم اجماع الأصحاب عليه وعن ابن الجنيد أنه قال بوجوب الأضحية قال الله تبارك و (تع) فصل لربك وانحر وذكر المفسرون ان المراد بالنحر نحر الأضحية بعد صلاة العيد ويدل على رجحان فعل الأضحية ما رواه ابن بابويه عن سويد القلا عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال إن الأضحية واجبة على من وجد من صغير وكبير وهي سننه وعن العلا بن الفضيل عن أبي عبد الله (ع) ان رجلا سأله عن الأضحى فقال هو واجب على كل مسلم الا من لم يجد فقال له السائل فما ترى في العيال قال إن شئت فعلت وان شئت لم تفعل واما أنت فلا تدعه وجاءت أم مسلمة إلى النبي فقالت يا رسول الله صلى الله عليه وآله يحضر الأضحى وليس عندي من الأضحية فاستقرض واضحى قال فاستقرض فإنه دين مقضى وضحى رسول الله صلى الله عليه وآله بكبشين ذبح واحدا بيده فقال اللهم هذا عنى وعمن لم يضح من أهل بيتي وذبح الأخر فقال اللهم هذا عنى وعمن لم يضح من أمتي وكان أمير المؤمنين (ع) يضحى وعن رسول الله صلى الله عليه وآله كل سنة بكبش فيذبحه ويقول وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما انا من المشركين ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين اللهم منك ولك ثم يقول اللهم هذا من نبيك ثم يذبحه ويذبح كبشا اخر عن نفسه وروى الكليني عن عبد الله بن سنان في الحسن بإبراهيم عن أبي عبد الله (ع) قال سئل عن الأضحى أو أجب على من وجد لنفسه وعياله فقال إما لنفسه فلا يدعه واما لعياله ان شاء تركه وعن عبد الله بن سنان (ايض) في الحسن بإبراهيم قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يذبح يوم الأضحى كبشين أحدهما عن نفسه والاخر عن من لم يجد من أمته وكان أمير المؤمنين (ع) يذبح كبشين أحدهما عن رسول الله صلى الله عليه وآله والاخر عن نفسه ولعل مستند ابن الجنيد صحيحة محمد بن مسلم ورواية العلاء بن الفضيل وحسنة عبد الله بن سنان المذكورات ودلالتها على الوجوب بالمعنى المصطلح غير واضح لشيوع استعمال الوجوب في الاخبار في الاستحباب المؤكد ويؤيده قوله (ع) في صحيحة محمد بن مسلم وهي سنته لو سلم ان له ظهور ضعيف في الوجوب الاصطلاحي لكن عند مخالفته للشهرة القوية لا يبقى مصححا للتعويل عليه و أيامها أي الأضحية ثلثة وأولها النحر بالامصار وأربعة بمنى أولها يوم النحر ولا اعلم في ذلك خلافا بين الأصحاب وفى المنتهى ان هذا قول علمائنا أجمع والأصل
(٦٧٨)