نعم فخرج الرجل وكان القاضيان يأتيان باب الصديق فعشقا امرأته فراوداها عن نفسها فأبت عليهما فقالا لها، إن لم تفعلي شهدنا عليك عند الملك بالزنا ليرجمك، فقالت: افعلا ما شئتما فأتيا الملك، فشهدا عليها أنها بغت وكان لها ذكر حسن جميل، فدخل الملك من ذلك أمر عظيم اشتد غمه وكان بها معجبا فقال لهما: إن قولكما مقبول فأجلوها ثلاثة أيام ثم ارجموها، ونادى في مدينته أحضروا قتل فلانة العابدة فإنها قد بغت وقد شهد عليها القاضيان بذلك فأكثر الناس القول في ذلك فقال الملك لوزيره: ما عندك في هذا حيلة؟ فقال: لا والله ما عندي في هذا شئ.
فلما كان اليوم الثالث ركب الوزير وهو آخر أيامها، فإذا هو بغلمان عراة يلعبون، وفيهم دانيال فقال دانيال: يا معشر الصبيان تعالوا حتى أكون أنا الملك و تكون أنت يا فلان فلانة العابدة ويكون فلان وفلان القاضيين الشاهدين عليها ثم جمع ترابا وجعل سيفا من قصب، ثم قال للغلمان: خذوا بيد هذا فنحوه إلى موضع كذا - والوزير واقف - وخذوا هذا فنحوه إلى موضع كذا، ثم دعا بأحدهما فقال: قل حقا فإنك إن لم تقل حقا قتلتك، قال: نعم - والوزير يسمع - فقال له: بم تشهد على هذه المرأة؟ قال: أشهد أنها زنت، قال: في أي يوم؟ قال: في يوم كذا وكذا قال: في أي وقت؟ قال: في وقت كذا وكذا، قال: في أي موضع؟ قال في موضع كذا وكذا، قال: مع من؟ قال: مع فلان بن فلان، فقال: ردوا هذا إلى مكانه، وهاتوا الاخر، فردوه وجاؤوا بالآخر فسأله عن ذلك فخالف صاحبه في القول، فقال دانيال:
الله أكبر، الله أكبر شهدا عليها بزور، ثم نادى في الغلمان إن القاضيين شهدا على فلانة بالزور فحضروا قتلهما، فذهب الوزير إلى الملك مبادرا فأخبره بالخبر فبعث الملك إلى القاضيين فأحضرهما ثم فرق بينهما، وفعل بهما كما فعل دانيال بالغلامين فاختلفا كما اختلفا، فنادى في الناس وأمر بقتلهما " (1).