معناه لا يقبل حكم النجاسة. وللخبث معان أخر ذكرها في النهاية والمراد ههنا ما ذكرنا.
والحديث يدل على أن قدر القلتين لا ينجس بملاقاة النجاسة، وكذا ما هو أكثر من ذلك بالأولى ولكنه مخصص أو مقيد بحديث: إلا ما غير ريحه أو لونه أو طعمه وهو وإن كان ضعيفا فقد وقع الاجماع على معناه، وقد تقدم تحقيق الكلام والجمع بين الأحاديث.
وعن أبي هريرة: أن النبي (ص) قال: لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل فيه رواه الجماعة، وهذا لفظ البخاري، ولفظ الترمذي: ثم يتوضأ منه. ولفظ الباقين: ثم يغتسل منه.
قوله: الدائم تقدم تفسيره. قوله: الذي لا يجري قيل: هو تفسير للدائم وإيضاح لمعناه، وقد احترز به عن راكد يجري بعضه كالبرك. وقيل: احترز به عن الماء الراكد لأنه جار من حيث الصورة ساكن من حيث المعنى، ولهذا لم يذكر البخاري هذا القيد حيث جاء بلفظ الراكد بدل الدائم وكذلك مسلم في حديث جابر وقال ابن الأنباري:
الدائم من حروف الأضداد يقال للساكن والدائر. وعلى هذا يكون قوله: لا يجري صفة مخصصة لاحد معنى المشترك. وقيل: الدائم والراكد مقابلان للجاري، لكن الدائم الذي له نبع والراكد الذي لا نبع له. قوله: ثم يغتسل فيه ضبطه النووي في شرح مسلم بضم اللام، قال في الفتح: وهو المشهور، وقال النووي أيضا: وذكر شيخنا أبو عبد الله بن مالك أنه يجوز أيضا جزمه عطفا على موضع يبولن ثم نصبه بإضمار أن وإعطاء ثم حكم واو الجمع، فأما الجزم فلا مخالفة بينه وبين الأحاديث الدالة على أنه يحرم البول في الماء الدائم على انفراده والغسل على انفراده، كما تقدم في باب بيان زوال تطهيره لدلالته على تساوي الامرين في النهي عنهما. وأما النصب فقال النووي: لا يجوز لأنه يقتضي أن المنهي عنه الجمع بينهما دون إفراد أحدهما، وهذا لم يقله أحد بل البول فيه منهي عنه سواء أراد الاغتسال فيه أم لا، وضعفه ابن دقيق العيد بأنه لا يلزم أن يدل على الاحكام المتعددة لفظ واحد، فيؤخذ النهي عن الجمع بينهما من هذا الحديث إن ثبتت رواية النصب، ويؤخذ النهي عن الافراد من حديث آخر، وتعقبه ابن هشام في المغني فقال: إنه وهم وإنما أراد ابن مالك إعطاءها حكمها في النصب لا في المعية. قال: وأيضا ما أورده إنما جاء من قبيل المفهوم لا المنطوق، وقد قام دليل