ورد من طريق أخرى بلا تردد. وأعل أيضا بعدم ضبط الراوي ومخالفته، والمحفوظ ما أخرجه الشيخان بلفظ: أن النبي (ص) وميمونة كانا يغتسلان من إناء واحد. وحديثه الآخر أخرجه أيضا الدارقطني وصححه ابن خزيمة وغيره، كذا قال الحافظ في الفتح. وقال الدارقطني: قد أعله قوم بسماك بن حرب راويه عن عكرمة لأنه كان يقبل التلقين، لكن قد رواه شعبة وهو لا يحمل عن مشايخه إلا صحيح حديثهم. قوله: لا يجنب في نسخة بفتح الياء التحتية وفي أخرى بضمها، فالأولى من جنب بضم النون وفتحها، والثانية من أجنب. قال في القاموس: وقد أجنب وجنب وجنب واستجنب وهو جنب يستوي للواحد والجمع اه. وظاهر حديثي ابن عباس وميمونة معارض لحديث الحكم السابق وحديث الرجل الذي من الصحابة فيتعين الجمع بما سلف لا يقال إن فعل النبي (ص) لا يعارض قوله الخاص بالأمة لأنا نقول: إن تعليله الجواز بأن الماء لا يجنب. مشعر بعدم اختصاص ذلك به. وأيضا النهي غير مختص بالأمة لأن صيغة الرجل تشمله (ص) بطريق الظهور، وقد تقرر دخول المخاطب في خطاب نفسه، نعم لو لم يرد ذلك التعليل كان فعله (ص) مخصصا له من عموم الحديثين السابقين، وقد نقل النووي الاتفاق على جواز وضوء المرأة بفضل الرجل دون العكس، وتعقبه الحافظ بأن الطحاوي قد أثبت فيه الخلاف.
قال المصنف رحمه الله تعالى: قلت وأكثر أهل العلم على الرخصة للرجل من فضل طهور المرأة والاخبار بذلك أصح، وكرهه أحمد وإسحاق إذا خلت به وهو قول عبد الله بن سرجس، وحملوا حديث ميمونة على أنها لم تخل به جميعا بينه وبين حديث الحكم. فأما غسل الرجل والمرأة ووضوءهما جميعا فلا اختلاف فيه، قالت أم سلمة: كنت أغتسل أنا ورسول الله (ص) من إناء واحد من الجنابة متفق عليه: وعن عائشة قالت: كنت أغتسل أنا ورسول الله (ص) من إناء واحد تختلف أيدينا فيه من الجنابة متفق عليه. وفي لفظ للبخاري: من إناء واحد نغترف منه جميعا.
ولمسلم: من إناء بيني وبينه واحد فيبادرني حتى أقول: دع لي دع لي وفي لفظ النسائي:
من إناء واحد يبادرني وأبا دره حتى يقول: دعي لي، وأنا أقول: دع لي اه. وقد وافق المصنف في نقل الاتفاق على جواز اغتسال الرجل والمرأة من الاناء الواحد جميعا الطحاوي والقرطبي والنووي، وفيه نظر لما حكاه ابن المنذر عن أبي هريرة أنه كان ينهى عنه، وحكاه ابن عبد البر عن قوم، ومن جملة ما يدل على جواز الاغتسال