طائفة من العلماء، وبه جزم أبو نعيم في المستخرج. وقال الراغب: أصل الفطرة الشق طولا، ويطلق على الوهي وعلى الاختراع. وقال أبو شامة أصل الفطرة الخلقة المبتدأة ومنه: * (فاطر السماوات والأرض) * (يوسف: 101) أي المبتدئ خلقهن، والمراد بقوله صلى الله عليه وآله وسلم:
كل مولود يولد على الفطرة أي على ما ابتدأ الله خلقه عليه، وفيه إشارة إلى قوله تعالى: * (فطرة الله التي فطر الناس عليها) * (الروم: 30) والمعنى أن كل أحد لو ترك في وقت ولادته وما يؤديه إليه نظره لأداه إلى الدين الحق وهو التوحيد ويؤيده أيضا قوله تعالى: * (فأقم وجهه للدين حنيفا فطرة الله) * (الروم: 30) وإليه يشير في بقية الحديث حيث عقبه بقوله: فأبواه يهودانه أو ينصرانه والحديث يدل على مشروعية السواك، لأنه سبب لتطهير الفم وموجب لرضا الله على فاعله، وقد أطلق فيه السواك ولم يخصه بوقت معين ولا بحالة مخصوصة، فأشعر بمطلق شرعيته، وهو من السنن المؤكدة، وليس بواجب في حال من الأحوال لما سيأتي في حديث أبي هريرة: لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك ونحوه قال النووي: بإجماع من يعتد به في الاجماع. وحكى أبو حامد الأسفراييني عن داود الظاهري أنه أوجبه في الصلاة، وحكى الماوردي عنه أنه واجب لا تبطل الصلاة بتركه. وحكي عن إسحاق بن راهويه أنه واجب تبطل الصلاة بتركه عمدا قال النووي: وقد أنكر أصحابنا المتأخرون على الشيخ أبي حامد وغيره، نقل الوجوب عن داود وقالوا مذهبه أنه سنة كالجماعة، ولو صح إيجابه عن داود لم يضر مخالفته في انعقاد الاجماع على المختار الذي عليه المحققون والأكثرون، قال: وأما إسحاق فلم يصح هذا المحكي عنه انتهى وعدم الاعتداد بخلاف داود مع علمه وورعه وأخذ جماعة من الأئمة الأكابر بمذهبه من التعصبات التي لا مستند لها إلا مجرد الهوى والعصبية، وقد كثر هذا الجنس في أهل المذاهب، وما أدري ما هو البرهان الذي قام لهؤلاء المحققين حتى أخرجوه من دائرة علماء المسلمين، فإن كان لما وقع منه من المقالات المستبعدة فهي بالنسبة إلى مقالات غيره المؤسسة على محض الرأي المضادة لصريح الرواية في حيز القلة المتبالغة، فإن التعويل على الرأي وعدم الاعتناء بعلم الأدلة قد أفضى بقوم إلى التمذهب بمذاهب لا يوافق الشريعة منها إلا القليل النادر، وأما داود فما في مذهبه من البدع التي أوقعه فيها تمسكه بالظاهر وجموده عليه هي في غاية الندرة. ولكن لهوى النفوس سريرة لا تعلم قال النووي: والسواك مستحب في جميع الأوقات لكن في خمسة أوقات أشد استحبابا أحدها عند الصلاة سواء كان متطهرا بماء أو بتراب أو غير متطهر